بقلم: دعاء العبادي – صحيفة “الدستور” الأردنية
الشرق اليوم – لا جديد تحت الشمس… فقد انتهت الانتخابات الإسرائيلية الرابعة بدون رابح معروف وتكرر المشهد نفسه كما في الانتخابات الثلاث السابقة وعدم قدرة أي من التحالفات المؤيدة أو المعارضة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على تحقيق الغالبية المطلوبة لتشكيل الحكومة وهي 61 من مقاعد الكنيست الـبالغ عددها 120 مقعدا.
نتنياهو الذي يلقب في الداخل الإسرائيلي أحيانا بالساحر سيجد نفسه في موقف صعب من خلال حصوله على ائتلاف يستطيع بناء تحالف قد يكون هشاً وعلى العموم فأربعة انتخابات كشفت عدم قدرة الساحر الذي أصبح أطول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل على افتعال مزيد من الحيل.. فقد اتفق الجميع على أن انتخابات 23 آذار أي الرابعة في أقل من عامين قد أدخلت إسرائيل بمتاهات جديدة وكشفت عن مدى الانقسام السياسي الذي تعيشه إسرائيل حالياً. جاءت النتائج خلاف ما توقعه نتنياهو الذي حاول إستخدام حملة التطعيم الشاملة التي جعلت من إسرائيل أسرع الدول في العالم التي توفر اللقاح لسكانها ..أملاً بأن تعزز حظوظه في الحصول على أغلبية الأصوات فقد جعل النظام التناسبي الانتخابي من الصعوبة على حزب واحد تشكيل حكومة بمفرده دون اللجوء إلى إقناع الأحزاب الصغيرة من أجل المشاركة معه في الحكومة.
الإسرائيليون متفقون أصلا على أن هذه الانتخابات جاءت استفتاء على شخص نتنياهو فتتكرر بسبب رغبته البقاء في سدة الحكم والإفلات من المحكمة حتى لو كان تكرارها تهديداً مباشراً للديمقراطية وهيبتها خاصة في المرة الرابعة المتزامنة مع أزمة اقتصادية كبيرة ناجمة عن جائحة كورونا وتبعاتها فهناك أصوات تحذر من الذهاب لانتخابات خامسة بحال لم ينجح نتنياهو بتشكيل حكومة مجددا.
عدد الأصوات الأخيرة لحزب نتنياهو له دلالتٌ كبيرةٌ وواضحة منها أن قوة حزب الليكود تراجعت بـ 250 ألف صوت أي ما يعادل ستة مقاعد وهذا ما سبق وحذر منه نتنياهو نفسه قبيل يوم الاقتراع في المقابل وحتى تكتمل الصورة لابد من الإشارة إلى أن بقاء نتنياهو في الحكم منذ عام 1996 وحتى 2009 على التوالي هو نتيجة لضعف خصومه وتفرقهم وانحسار اليسار الصهيوني تباعا منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.
نتنياهو كان يدرك في قرارة نفسه أن مشاركة العرب الفلسطينيين في الانتخابات بنسبة عالية كما حصل عام 2020 التي فازت فيها القائمة المشتركة بـ 15 مقعدا من شأنه أن يحكم عليه بالإعدام السياسي.. لذا بادر بوضع استراتيجية جديدة تقوم على الاحتواء بدلاً من العداء بمحاولة منه تخدير المواطنين العرب والتقرب منهم وتكرار الزيارات لبلداتهم وإغداق الوعود المعسولة لهم.. آخرها بفتح خط طيران بين تل أبيب ومكة لتمكينهم من أداء الحج والعمرة أسرع وبكلفة أقل.. كما حاول تغيير جلده وتبديل لونه في انتخابات 2021 مستبدلا استراتيجية العداء بالاحتواء والغزل مع القائمة العربية الموحدة فزيارته للبلدات العربية واحتساء القهوة السادة في النقب لعب كرة القدم مع أولاد قرية جسر الزرقاء.
ومشكلة نتنياهو أنه لو لم يستطع تجميع ائتلاف لينقذ نفسه من الملاحقات القانونية فإن الانتخابات الخامسة لو حدثت فستظللها الشهادات ضده في المحكمة ما سيعطي الإسرائيليين فرصة للتغيير وإنهاء 12 عاما من حكم نتنياهو. المتهم بتنفير قواعده الانتخابية الطبيعية بسبب تصرفه الفاسد والذي يحاكم عليه حاليا ولعدم قدرته على توحيد الغالبية من يمين – الوسط.. وفي الوقت ذاته يرفض التخلي عن الحكم. كما وأضعف استقلالية القضاء وهاجم المجتمع المدني والإعلام وأعاق أي محاولات للتسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل وسيس العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية بوقوفه إلى جانب ترامب والحزب الجمهوري. والتي ظهرت من خلال آخر استطلاع للرأي بأن شعبيته أي (نتنياهو) في أوساط الديمقراطيين أصبحت رديئة.