الرئيسية / مقالات رأي / المأزق الأفغاني

المأزق الأفغاني

افتتاحية صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – تواجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مأزقاً حقيقياً في أفغانستان، فيما الوقت يضيق أمام الموعد المحدد لبدء انسحاب القوات الأمريكية من هناك في مطلع شهر مايو / أيار المقبل، من دون اتخاذ قرار حاسم بالالتزام بالانسحاب في هذا الموعد، حيث تهدد حركة طالبان باستئناف الهجمات على القوات الأجنبية (الأمريكية والأطلسية) إذا لم تبدأ واشنطن بسحب قواتها.
إدارة الرئيس السابق ترامب جعلت الانسحاب من أفغانستان أولوية نظراً للاستنزاف والتكلفة الباهظة المالية والبشرية للوجود الأمريكي هناك طيلة 20 عاماً، من دون أن تتمكن هذه القوات مع القوات الأطلسية والحكومية من تحقيق الانتصار المأمول. ومن أجل تحقيق الانسحاب أبرمت إدارة ترامب اتفاقاً مع حركة طالبان في الدوحة في فبراير / شباط ينص على سحب الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الأطلسي (الناتو) كل القوات من أفغانستان في غضون 14 شهراً شريطة عدم سماح الحركة لتنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية بتنفيذ عمليات في المناطق التي تسيطر عليها، والمضي قدماً في محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية تفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن المفاوضات بين الطرفين لم تؤد إلى نتائج حاسمة حول شكل النظام والشراكة ودور المرأة، كما أن عملية الإفراج عن الأسرى من الطرفين لم تستكمل.
إدارة بايدن لم تكن مرتاحة لمضمون الاتفاق، وترى أن إدارة الرئيس السابق قدمت تنازلات كبيرة لطالبان، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى سيطرتها المطلقة على البلاد وفرض قوانينها والحكومة التي تريدها، وإضافة إلى ذلك فإن طالبان وإن أوقفت هجماتها على القوات الأجنبية، إلا أنها تواصل الهجمات يومياً على القوات الحكومية، كما أنها تنفذ عمليات اغتيال بحق صحفيين وناشطين سياسيين وقاضيات وآخرين، وذلك كله يعني في نظر إدارة بايدن أن طالبان تسعى إلى فرض أمر واقع قبيل عملية الانسحاب من خلال تصعيد عملياتها العسكرية، من دون الالتزام بتخفيض مستوى العنف.
لذلك، تقوم الإدارة الأمريكية بمراجعة الاتفاق للتأكد من وفاء الحركة بالتزاماتها، ومن أجل ذلك تحاول توسيع المشاركة في عملية السلام من خلال مشاورات حثيثة مع الدول المعنية مباشرة بالأزمة الأفغانية والحلفاء في «الناتو»، حيث طرح وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خطة سلام منقحة مع صيغة مؤقتة لتقاسم السلطة، واقتراحاً لإشراك الدول الرئيسية في المنطقة، خصوصاً باكستان التي لعبت دوراً رئيسياً في جلب طالبان إلى طاولة المفاوضات. ومع تعرض اتفاق السلام للخطر تتوقع واشنطن أن تلعب باكستان دوراً في حمل الحركة على الالتزام بتعهداتها.
وفي هذا المنحى، فإن دخول روسيا على خط الأزمة الأفغانية من خلال الاجتماع الذي نظمته في موسكو في منتصف الشهر الحالي، بمشاركة وفود من الولايات المتحدة والصين وباكستان وتركيا وقطر، إضافة إلى وفدين رفيعي المستوى من الحكومة الأفغانية وطالبان، هو بمثابة إشارة من الكرملين إلى الاستعداد للمساهمة في التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الأفغانية خوفاً من استغلال المنظمات الإرهابية الفشل المحتمل للاتفاق، بما يتركه من مخاوف تمدد الإرهاب باتجاه أراضيها.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …