بقلم: د. أيمن سمير – صحييفة البيان
الشرق اليوم– يشكل نهر النيل حجر الأساس في حياة المصريين، فعلى ضفافه قامت أقدم حضارة عرفتها الإنسانية، كما توصف مصر بأنها أكثر دول العالم شحاً في المياه، لذلك تمثل مياه النهر «الحياة والوجود» لأكثر من 100 مليون مصري يعيشون على ضفافه، وتحصل مصر على 55 مليار متر مكعب من المياه سنوياً تأتي غالبيتها من النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا الأثيوبية، ومع بدء إثيوبيا بناء سد النهضة عام 2011 سعت كل من مصر والسودان للتأكد من وصول حصتهما من المياه، وضرورة تبادل المعلومات حول تشغيل وملء البحيرة التي تقع خلف السد، كما تهتم دولتا المصب بسلامة سد النهضة الذي يقع على بعد 100 كيلو متر فقط من سد الرصيرص السوداني، وتخشى مصر والسودان على سلامة السد الذي قد يؤدي انهياره إلى تدمير قرى وبيوت 20 مليون سوداني يعيشون بالقرب من مجرى النيل، ووفق التقديرات الفنية فإن انهيار السد سيؤدي مباشرة لغرق العاصمة الخرطوم حيث سترتفع المياه وقتها لأكثر من 25 متراً في الشوارع وبمساحة تزيد عن 60 كلم
تبادل المصالحتقوم «المقاربة المصرية السودانية» على أن شعوب مصر والسودان وأثيوبيا كانوا وما زالوا وسيظلوا أشقاء، ولهذا وقعت الدول الثلاث اتفاق المبادئ في مارس 2015، وفيه تعترف دولتا المصب مصر والسودان بحق أثيوبيا في التنمية مقابل عدم الإضرار بمصالح القاهرة والخرطوم في المياه، لذلك عرضت مصر منذ البداية مساعدة أثيوبيا في جوانب اقتصادية كثيرة منها مرور البضائع الأثيوبية للعالم عبر الموانئ المصرية باعتبار أن أثيوبيا دولة حبيسة وليس لديها موانئ بحرية، كما أكدت القاهرة والخرطوم دعمهما الكامل لكل مسارات التنمية في أثيوبيا بما فيها بناء سد النهضة نفسه، وقدمت مصر عشرات المشروعات التنموية التي يمكن أن تساهم في ازدهار أثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي مثل الربط الكهربائي والربط بالسكك الحديدية وتسويق كهرباء سد النهضة لأوروبا، وكل ما طلبته مصر والسودان هو أن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم للأطراف الثلاثة ينظم عملية الملء والتشغيل، لأن هناك مخاوف لدى 140 مليون مصري وسوداني أن تأتي سنوات يكون فيها المطر قليلاً، ويطلق على هذه السنوات «فترات الجفاف» و«الجفاف الممتد» وهو ما سيؤثر على حصة المياه القادمة لمصر، وترفض إثيوبيا هذا الطرح وتقول إن مناقشة قضايا مثل الملء والتشغيل تدخل في السيادة الوطنية.
القانون الدولي يقول إن نهر النيل هو نهر دولي طوله 6650 كلم وعابر لدول كثيرة يفرض على دول المنبع والمصب عملية تبادل المعلومات حول الملء والتشغيل بما يصب في صالح الجميع، ولهذا سيظل الوصول لاتفاق عبر الانخراط في مفاوضات جادة وصادقة تحقق مصالح الدول الثلاث هو الخيار الأمثل.