الرئيسية / مقالات رأي / حدود الصراع الأمريكي الروسي

حدود الصراع الأمريكي الروسي

الشرق اليوم– فجرت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي وصف فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ب«القاتل» أزمة حقيقية بين البلدين، وفتحت الأبواب أمام احتمالات تصعيد غير مسبوق، لا يبدو أنه من الممكن حتى الآن ضبطه؛ لكنه في كل حال لن يصل إلى حدود المواجهة المباشرة. 

لم يصدر هذا الوصف عن الرئيس الأمريكي بشكل غير مقصود أو ب«زلة لسان»، إنما كان يقصدها، وهو «غير نادم» على ذلك كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، وهذا يعني أن بايدن يكنّ في داخله حجماً من الكراهية للرئيس الروسي، يتجاوز حدود اللياقة الدبلوماسية المعهودة في التخاطب بين قادة الدول حتى تلك التي لا تربط بينها علاقات صداقة.

 كما أن تهديد بايدن لبوتين بتدفيعه الثمن، يتضمن شيئاً من التحدي غير المسبوق بين دولتين تعدان من الدول العظمى التي تمتلك ترسانة نووية هائلة، كافية لتدمير الدولتين والعالم.

 الملفت أن رد فعل الرئيس الروسي كان هادئاً، متمنياً الصحة للرئيس الأمريكي، وعارضاً عليه محادثات مباشرة؛ لكنه في الوقت نفسه غمز من قناة بايدن بقوله: «إن الناس يرون الآخرين عادة كما يرون أنفسهم». كما أقدم الكرملين على استدعاء السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف؛ للتشاور من أجل تحليل ما يتعين القيام به. وأشار إلى أن موسكو ستعامل إدارة الرئيس بايدن على أنها «لا ترغب في تحسين العلاقات».

 للرئيس الأمريكي مآخذ على الرئيس الروسي بشأن المعارض نافالني، وضم شبه جزيرة القرم، والوضع في أوكرانيا، والدور الروسي في سوريا، والأهم هو مضمون تقرير المخابرات الأمريكية الأخير، الذي اتهم بوتين بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمصلحة دونالد ترامب؛ وهي الاتهامات التي كانت ترددت في الانتخابات الرئاسية السابقة بتدخل موسكو لمصلحة ترامب؛ لإفشال المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

 التصعيد اللفظي الأمريكي مؤشر واضح على أن إدارة بايدن حازمة في علاقاتها مع روسيا، والأمر نفسه ينطبق على الصين التي تعدها الولايات المتحدة «خطراً استراتيجياً»، بما يعنيه ذلك من توسيع قوس المواجهة؛ لحماية المصالح الأمريكية؛ والدفاع عن قيادة واشنطن للنظام العالمي ضد خطرين قائمين.

 المحلل السياسي الروسي الكسندر نازاروف يرى في إرهاصات هذا التوتر بأنها ليست مجرد فترة من عدم الاستقرار، وإنما هي حالة الهدوء ما قبل العاصفة. ويقول: «إن واشنطن ترى في ضبط النفس الذي تمارسه روسيا مظهراً من مظاهر الضعف، فتتمادى في التصرف بعجرفة وصلف»، ويضيف: «يفضل بوتين إبقاء العدو في ظلام دامس، وجهل تام بشأن نواياه؛ بغرض تحقيق المفاجأة الكاملة في رد فعله».

 على الرغم من هذا الحوار المتفجر، فإن طبيعة العلاقات بين البلدين مهما بلغت من التوتر محكومة بحدود عدم الوصول إلى مواجهة مباشرة؛ أي إلى صراع مسلح؛ لأن الدولتين تعيان أن ذلك يعني دمارهما؛ لذا قد يكون البديل الحروب بالوكالة.

نقلا عن صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …