بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع
الشرق اليوم- بعد 15 شهرًا على أول إعلان عن وبائية فيروس كوفيد – 19، أعلنت منظمة الصحة العالمية، وحسب “رويترز”، فإن تقرير المنظمة الذى طال انتظاره، حول التفشى الأول لـ”كوفيد – 19” فى الصين، سيصدر هذا الأسبوع، فى الوقت الذى بلغت فيه الإصابات بالفيروس أكثر من 120 مليون حالة إصابة، وأكثر من مليونى وفاة، حتى 17 مارس، وما زال اللقاح مهمًا فى الوقاية من مزيد فى حالات الإصابة والوفيات، ومكافحة الجائحة.
في ديسمبر 2019، عندما بدأت أنباء كوفيد – 19، تصور العالم كله أن الحديث يشبه سوابق الفيروسات، مثل أنفلونزا الطيور والخنازير وسارس وميرز، لكن كورونا تحول خلال شهرين من الإعلان إلى جائحة أجبرت العالم على وقف السفر، وحبس مئات الملايين فى بيوتهم، وفي مثل هذه الأيام كان العالم يدخل فى واحدة من أكثر الأوضاع غرابة والتي لم تحدث أبدًا بشكل عالمي.
وخلال شهور الأزمة تواصلت التقارير والأخبار عن مصدر الفيروس، ومواجهته وعلاج أعراضه، ثم بدأت الأحاديث عن اللقاحات، من دول وشركات، وهي مرحلة استغرقت العام الماضى كله، ومع ظهور أول اللقاحات من الصين تتبعها لقاحات سينوفارم الصيني، “سبوتنيك V” الروسي، ثم فايزر واسترازينيكا، وجونسون جونسن، وهي لقاحات ظهرت بسرعة وأغلبها تم اختصار فترات التجارب عليها بسبب ظروف الاستعجال، ولهذا كان طبيعيًا أن تظهر أعراض جانبية لبعض هذه اللقاحات مع حالات دون أخرى، مع الأخذ فى الاعتبار أن إنتاج وتوزيع اللقاحات فى خلفيته الكثير من الصراعات والمنافسات التجارية والسياسية، بل إن اللقاحات خضعت وما تزال لعمليات تشكيك فى أهدافها، وما تزال أعداد من البشر تتردد فى تلقى اللقاحات، خوفًا من أن تكون لها آثار غير مرغوبة.
وعززت من هذا النقاش، تقارير عن جلطات أو عمى أو إصابات لبعض من تلقوا اللقاحات، وكان آخر جدل حول استرازينيكا، وتم إيقافه فى بعض الدول، لكن تقارير المنظمة الدولية قالت إنه آمن، بل إن بعض مروجى نظريات المؤامرة ما زالوا يعلنون أن الفيروس هو نفسه مخلق، وأن اللقاحات هي الجزء الثانى من عملية تحكم بالبشر، وانتشر على منصات التواصل الاجتماعى، وبلغات مختلفة، منشور يدّعي وجود علاقة بين مختبر ووهان “بى 4” المثير للجدل، ومختبر “فايزر” مطور اللقاح. ورغم أن الواقع يكذب هذه التصورات باعتبار أن كل الدول تقريبًا خسرت من الفيروس، ثم إن أجهزة الاستخبارات حول العالم لم تصل إلى أى معلومة حول كون الفيروس مخلقا أو مصنوعا، وأن خسائر الجائحة تفوق أي مكاسب افتراضية، ورغم ردود علماء وخبراء، ظلت نظريات المؤامرة متجاورة مع السباق لإنتاج وتوزيع اللقاحات.
منظمة الصحة العالمية، أعلنت أنه تم تطعيم أكثر من 20 مليون جرعة من لقاح استرازينيكا فى أوروبا، وأكثر من 27 مليون جرعة من لقاح كوفيشيلد “لقاح استرازينيكا الذى ينتجه المعهد الهندى للأمصال” فى الهند، وأن توصيات اللجان العلمية شملت أنه لا يزال لقاح استرازينيكا و”كوفيشيلد” قادرين على منح الوقاية، وأن الجلطات أو نقص الصفائح لدى بعض من تلقوا اللقاح حالات غير شائعة.
ورغم كل هذه اللقاحات ما تزال العدوى والمخاوف مستمرة، خاصة مع عدم كفاية اللقاحات، وسعي كل دولة وكل تكتل للحصول على ما يكفي لتلقيح مواطنيه.
لكن المفارقة، أيضًا، أن الفيروس دفع دولًا كثيرة فى العالم للسعي إلى إنتاج لقاحات خاصة فى معاملها، وتأتي الهند على رأس الدول التي أعلنت عن طرح لقاحات محلية، وسط تخوفات من منظمات دولية حول مدى مأمونيتها، وبجانب الهند أعلنت دول أخرى عن إنتاج لقاحات محلية مضادة لكوفيد – 19، والذي لم يختف كما كانت التوقعات، وأصبح فيروسًا لا يمكن توقعه.