بقلم: صالح القلاب – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم- بينما تواصل القصف الكلامي بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصف كلٌ منهما الآخر بأنه “قاتل” إنفجر إشتباكٌ من العيار الثقيل بين الأميركيين والصينيين وإلى حدِّ أنّ أحد الخبراء الأميركيين قد ذهب بعيداً عندما دعا إلى تجنّب إندلاعِ حربٍ بين هاتين الدولتين وبالطبع إنّ هذا مستبعدٌ جداًّ في المدى المنظور وهو غيرُ واردٍ في الفترة لا الحالية ولا القريبة، وهذا مع أنّ العالم بات يشهد بدايات حربٍ باردةٍ بين المعسكرين المعسكر الأميركي الغربي والمعسكر الشرقي أي روسيا والصين الشعبية!!.
عندما يصف بايدن الرئيس الروسي بأنه: “قاتل” ويردُّ عليه بوتين بقصفٍ كلامي ثقيل وعلى غرار ما كانت عليه الأمور في مرحلة صراع المعسكرات عندما كان الإتحاد السوفياتي ومعه المنظومة الإشتراكية يشكلُّ تحدياًّ عسكرياًّ وسياسيا للولايات المتحدة وللغرب الرأسمالي كله فإنّ هذا يعني، وبخاصة وأنّ الصين بثقلها قد إنضمت إلى هذا الإشتباك الكلامي الأخير، أنّ هناك عودةً لصراع المعسكرات وإنه غير مستبعدٍ أن لا يبقى هذا القصف كلامياً وإنه سيصبح بالأسلحة الثقيلة وربما بالأسلحة النووية أيضا!!.
كان الصراع سابقاً قبل إنهيار الإتحاد السوفياتي ومنظومته الأوروبية الشرقية وأيضاً العربية وبعض دول ما يسمى العالم الثالث يتّخذُ وضعيات الحروب المحدودة بين دول ودويلات العالم الثالث المدعومة بالمعسكر الشرقي وبين الدول التي كانت “تحسب” على الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة، وكان العرب جزءاً من هذا الصراع إذ أنّ بعض الدول العربية ومن بينها دولة “الرفاق” في اليمن الجنوبي ومصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وسوريا “البعثية” والعراق والجزائر كانت ترفع الراية السوفياتية مقابل رفع الراية الأميركية في بعض الدول العربية الأخرى التي كان إنحيازها ضرورياً للكتلة الغربية.
إنّ المقصود بهذا كله هو أنّ هناك عودةً لصراع المعسكرات، المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقي بقيادة الصين المنطلقة كسهمٍ منطلق من قوسٍ مشدودة الوتر، وهنا فإنّ الروس ورغم إرغاد وإزباد فلاديمير بوتين وليس فلاديمير لينيين لن يكونوا أصحاب القيادة في هذا الصراع الذي يقول البعض أنه بات تحصيل حاصل، بل هي الصين كما هو واضحٌ بقيادة “الرفيق” تشي جين بينغ الذي يعتبر أهم تلامذة ماوتسي تونغ الغُرِّ الميامين!!.
وهكذا فإنّ الغرب، الذي على رأسه الولايات المتحدة بقيادة جو بايدن، بات يعاني من أوجاعٍ سياسيةٍ كثيرة وأنّ الدول الأوروبية التي كانت تُشكل قوةً رئيسيةً مساندة لأميركا ضدَّ الإتحاد السوفياتي والشرق الشيوعي باتت تعاني من أوجاعٍ سياسيةٍ كثيرة وهذا في حين أنّ الصين وليس روسيا أصبحت تشكل ومعها بعض الدول الشرقية وبعض دول العالم الثالث القوة الرئيسية في مواجهة الولايات المتحدة.. وهذا إذا بقيت الأمور تسير في هذا الإتجاه الذي تسير فيه!!.