الرئيسية / مقالات رأي / التعبئة المضادة

التعبئة المضادة

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – أعلن نائب رئيس وزراء إثيوبيا ووزير خارجيتها أنه «لا يجب أن يمنعها أحد من تنمية مواردها وهي تساهم 86% من نهر النيل»، وهو نفس الرجل الذي صرح بكل فجاجة عقب الملء الأول «أصبح النيل بحيرة…النيل لنا»، في تحدٍّ سافر لكل الأعراف والقوانين الدولية.
والمؤكد أنه في حال أقدمت إثيوبيا بشكل أحادي على الملء الثاني فهذا سيعنى دخول مصر في مرحلة فقر مائي وتهديد وجودي لها في المستقبل المنظور، ولذا سيصبح من المطلوب مراجعة الطريقة التي تعاملت بها مع إثيوبيا منذ توقيعها في 2015 على إعلان المبادئ، والبدء في وضع استراتيجية تعبئة مضادة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في مواجهة السياسات الإثيوبية.
أول عناصر هذه الاستراتيجية سيبدأ في إدخال الشعب في معركة «مواجهة السد» (كما دخل في معركة بناء السد في الستينيات) ليس بهتافات على طريقة بالروح بالدم، إنما بأن يعرف أنه سيكون أول المتضررين من الملء الإثيوبي الثاني، ليكون سندا وظهرا للدولة، كما جرى في كل المعارك الوطنية الكبرى من قبل.
أما ثاني هذه العناصر فهو ضرورة الانتقال من الخطاب الذي يقوله المسؤولون فقط، حتى لو كان خطابا جيدا (مثل خطاب وزير الخارجية في مجلس الأمن العام الماضي، أو كلمة رئيس الوزراء أمس الأول في تجمع رفيع المستوى في الجمعية العامة للأمم المتحدة)، إلى خطاب يقوله النخب و«الناس المتعلمة» من رجال القانون الدولي والمتخصصين، ومن تبقى من رجال السياسة، وتكوين لوبي مصري في أمريكا وروسيا والصين والهند وإفريقيا وأوروبا، من أجل دحض الخطاب والدعاية الإثيوبية التي تنظر بعين واحدة لمشروع السد، باعتباره مكسبا إثيوبيا وتتجاهل أنه خسارة وجودية لكل من مصر والسودان.
طبعا التعبئة المصرية المضادة يجب أن تكون منبتة الصلة عن الخطاب الإعلامي الذي استهدف من قبل قطر، قبل المصالحة، أو تركيا قبل خطوات التفاهم، ويجب أيضا وضع قواعد صارمة على أي مفردات يمكن أن ينجر لها بعض الإعلاميين أصحاب السوابق في الإساءة للشعوب، لأنها ستعني على الفور إساءة عنصرية ستخسرنا كثيرا.
أما العنصر الثالث وهو حادث بالفعل في الخطاب الرسمي، ويتمثل في الابتعاد عن أي استعراض للقوة العسكرية، ويحرص على إبراز أن مصر لم تكن دولة مُسْتَعْمِرَةً، بل هي اكتوت بنار الاستعمار، وأنها قادت التحرر الوطني في العالم الثالث وإفريقيا، وأنها ستدافع عن حقوقها من هذا المنطلق.
يقينًا، استراتيجية التعبئة المضادة يجب أن تحول بعثاتنا الدبلوماسية في العواصم الكبرى إلى «خلية نحل»، لا تواجه فقط الدعاية الإثيوبية، إنما تخلق دعاية مصرية ظلت غائبة توضح أن حق دول المصب في نصيب عادل من المياه سيعني فتح أبواب التنمية والشراكة بين الشعوب الثلاثة، بدلا من المواجهات الخشنة التي ستهدد السلم والاستقرار الدوليين.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …