افتتاحية صحيفة الخليج
الشرق اليوم – شكلت «قمة العلا» التي استضافتها المملكة العربية السعودية يوم 5 يناير / كانون الثاني الماضي، لقادة دول مجلس التعاون، منعطفاً في استعادة الوحدة الخليجية، واسترداد حالة التضامن التي ميزت مسيرة الاتحاد منذ انطلاقته في 25 مايو / أيار 1981 في أبوظبي.
كانت القرارات التي اتخذتها «قمة العلا» منطلقاً جديداً للمجلس؛ كي يؤكد للعالم أن سحابة الصيف انقشعت، وأن العمل الخليجي المشترك؛ استعاد دوره، وأن القرارات التي تم الاتفاق عليها؛ تأخذ طريقها إلى التطبيق.
اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في دورته الـ147 الذي عقد أمس الأربعاء في الرياض؛ لبحث تنفيذ قرارات «قمة العلا»، كان خير دليل على أن مسيرة المجلس تمضي قدماً، وأن هناك إصراراً على وحدة الكلمة والموقف، تجاه كل القضايا التي تهم دول وشعوب المنطقة.
الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور نايف الحجرف شكر وزراء الخارجية؛ لحرصهم على حضور الاجتماع على الرغم من الإجراءات الاحترازية؛ من جرّاء فيروس «كورونا»؛ وذلك «يعكس حرصهم الكبير على انعقاد المجلس الوزاري في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة».
أجل، ينعقد الاجتماع في ظل ظروف استثنائية، تشهدها المنطقة والعالم، وفي قلب قوس أزمات، وتغيير في سياسات واستراتيجيات لها علاقة مباشرة بالمنطقة العربية تحديداً، ما يستدعي إجراء مراجعة للسياسات الخليجية والعربية، واتخاذ ما يناسب من مواقف؛ كي لا نظل مجرد شهود على ما يجري، أو أن يتم تحويلنا إلى ضحايا على مذبح مصالح الدول الكبرى، أو يتم حل الأزمات الإقليمية على حسابنا، وحساب حقوقنا.
رئيس الدورة الحالية وزير خارجية البحرين الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، أكد في تصريح له خلال الاجتماع رفض دول المجلس «أية تدخلات خارجية في شؤون الدول العربية»، وشدد على أن الظروف «الدقيقة والصعبة؛ تتطلب عملاً موحداً»، مشيراً إلى أن «مجلس التعاون يدعم إنهاء الصراعات في سوريا وليبيا واليمن»، داعياً إلى «تطبيق القرارات الدولية بشأن اليمن؛ لإنهاء إنقلاب الحوثي»، كما أكد إدانة «محاولة الحوثيين استهداف المدنيين في السعودية»، وأشاد «بالتضامن الدولي الواسع مع السعودية ضد الاعتداءات الإرهابية الحوثية».
هذا يؤكد أن هناك وعياً بالظروف التي تعيشها المنطقة، وضرورة اتخاذ المواقف التي تعزز التضامن الخليجي والعربي، وأهمية إطلاق حوارات استراتيجية مع كل الدول الصديقة والتكتلات الدولية؛ لتشكيل حزام أمان، يمكّن دولنا من مواجهة المستجدات أو الانقلاب في مواقف دول كبرى أو إقليمية تجاه قضايا مصيرية تتعلق بنا كعرب وخليجيين.
إن رفض التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية، وضرورة العمل العربي الموحد، وإنهاء الصراعات في سوريا وليبيا واليمن، ووضع حد لانقلاب الحوثي؛ هي مواقف يجب ترجمتها ميدانياً، ولدى المجلس والدول العربية القدرة والإمكانات لتحقيقها إذا توفرت الإرادة.