بقلم: رامي الخليفة العلي – عكاظ
الشرق اليوم- منذ أسابيع والمحاولات التركية لم تنقطع من أجل محاولة التواصل وبناء الثقة مع الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وكأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استفاق فجأة على أهمية الدول العربية وأهمية العلاقات الطبيعية معها. فمنذ شهر أكتوبر الماضي والتصريحات الإيجابية الموجهة إلى الدول العربية تتوالى. الرئيس التركي ليس حديث عهد بالسلطة فهو يتربع عليها منذ عقدين ولطالما أرسلت الرياض والقاهرة إشارات إيجابية عندما فتحت الأسواق العربية للبضائع التركية وعندما تحولت تركيا إلى المقصد السياحي الأول وعندما كان التنسيق مع أنقرة قائما على قدم وساق. فماذا كانت النتيجة؟ طعن أردوغان الدول العربية من الظهر بأن جعل بلاده مرتعا لكل شذاذ الآفاق وأصحاب الأيديولوجيات المنحرفة، فأصبحت إسطنبول عاصمة تلك الجماعات الهاربة من يد القانون، الأمر لم يقتصر على الاحتضان المادي وإنما تكاثرت كالفطر المنابر الإرهابية التي لا هم لها سوى النيل من الأمن والاستقرار في الدول العربية. ولا يتحدث لنا أحد عن الحرية وحقوق الإنسان فتركيا آخر البلدان التي يحق لها ذلك والدليل السجون الممتلئة بآلاف المعتقلين من أصحاب الرأي، وعشرات وسائل الإعلام المغلقة. أكثر من ذلك فإن هذه الجماعات الإرهابية أصبحت تشارك عسكريا في سياسات أردوغان؛ سواء في سوريا أو العراق أو ليبيا.
ثم عمد أردوغان وعصبته إلى التدخل في الشؤون الداخلية العربية بأسوأ الأشكال وهي الاحتلال سواء بشكل مباشر عبر إرسال الجنود الأتراك إلى سوريا والعراق وليبيا أو بناء قواعد عسكرية، والمتابع لتوزع هذه القواعد يلاحظ بسهولة أنها تستهدف الإحاطة بالدولتين العربيتين الأكبر والأهم وهما المملكة ومصر. كانت القاهرة والرياض محصنتين ضد العبث الأردوغاني بل وقفتا مع دول عربية أخرى لحماية ما تبقى من الأمن القومي العربي. فلم يكن من بد لدى الرئيس التركي سوى محاولة شيطنة الدول العربية فأرسل وزير خارجيته لتشويه صورة المملكة إبان اجتماع مجموعة العشرين في نهاية عام 2019 بل تطوع أردوغان نفسه بكتابة مقالة في إحدى الصحف الأمريكية مليئة بالافتراءات على المملكة، كما أنه لم يترك مناسبة إلا استغلها للتشكيك بشرعية النظام السياسي في مصر. بل إن الجنون بلغ أوجه عندما أوحت خيالات أردوغان المريضة بأنه يستطيع أن يؤسس كيانا إسلاميا بعيدا عن المملكة العربية السعودية فكانت قمة كوالالمبور التي فشلت فشلًا ذريعا. نعلم وتعلم الدول العربية علم اليقين الأسباب التي تدفع الرئيس التركي لخطاب المهادنة والتي ليس من بينها تغير حقيقي في السياسة التركية وإنما تكتيك الهدف منه الاستجابة للأزمات الداخلية والخارجية ثم انتظار الفرصة المناسبة للضرب في الظهر فهذا ديدن أردوغان. الشعب التركي شعب شقيق والدولة التركية أساسية في المنطقة وتربطنا معها أواصر التاريخ والجغرافيا والثقافة والدين ولكن بالتأكيد أنقرة تحت حكم أردوغان ليست موضع ثقة.