بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – زيارة عبدالله حمدوك إلى القاهرة كانت مفيدة ومثمرة رغم قصرها، وقد زار الرجل مؤسسة الأهرام وأجرى نقاشا معمقا مع خبراء مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية وألقى الضوء على قضايا كثيرة.
وانطباعي عن الرجل أنه يحمل سمات فريدة، فهو السوداني الأصيل رغم سنوات الغربة والوظيفة الدولية وهو ليس مجرد تكنوقراط له تاريخ مهني حافل كأمين عام سابق للجنة الاقتصادية الإفريقية التابعة للأمم المتحدة، إنما أيضا يمتلك حسا سياسيا واضحا.
وقد تكلم عن التحديات التي تواجه المرحلة الانتقالية بما فيها تحدى إبرام السلام مع الفصائل المسلحة، وأشار لما سماه المسكوت عنه في العلاقات المصرية السودانية، والدور المصري في إفريقيا وغيرها من القضايا التي تكلم فيها بشفافية واحترام.
وأشار الرجل إلى تحدي “سد النهضة” الذي أكد أن بلاده ستعمل بالتعاون مع مصر من أجل ثني إثيوبيا عن ملء السد في يوليو القادم بشكل أحادي ولم يسهب كثيرا في هذه القضية حتى إني قلت له إنك تحدثت تفصيلا في باقي النقاط وهذه النقطة تحدثت عنها بشكل سريع فهل ذلك مصدره ثقة زائدة أم ماذا؟ ولم يكن هناك وقت للرد والاستفاضة.
وقد كانت ملاحظتي الأساسية هي مخاطر طول المرحلة الانتقالية في السودان (39 شهرا) وأن «تطويل» المرحلة الانتقالية أكثر من تلك المدة كما تطالب بعض الفصائل المسلحة سيفرض تحديات جديدة على المجلس السيادي الذي يضم مدنيين وعسكريين، كما سيعمق من الخلافات بين فصائل وتيارات مدنية من قوى الحرية والتغيير والحكومة، وسنجد بعض من كانوا داعمين لحمدوك سيعودون لخطابهم الثوري القديم وسيسحبون دعمهم له فيضعفون موقف التيار المدني برمته (بمن فيهم هم) في معادلة السلطة في السودان.
يقينا حين يكون رأس السلطة موزعا على 10 أشخاص في المجلس السيادي بجانب الحكومة فإن هذا سيعني صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة، وستحتاج البلاد لمواءمات كثيرة حتى تستطيع أن تخرج قرارا سياسيا أو اقتصاديا كبيرا في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية عميقة، وأيضا من حروب وانقسامات عرقية وجهوية.
لقد اختار السودان الخيار الأصعب باختيار فترة انتقالية طويلة حيث تكون السلطة غير منتخبة وغير مركزية وغير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، وهذا في حد ذاته يخلق حالة سيولة ورغبة البعض في البحث عن المخلص أو رجل النظام العام القوى بديلا عن انقسامات المرحلة الانتقالية المعطلة.
أما العلاقات المصرية السودانية فقد اعتبرت أن بناء شراكة اقتصادية تنموية بين البلدين تقوم على الاحترام المتبادل ويستفيد منها الشعبان ستخفف من حدة تراشقات «الفضي» وغياب المصالح المشتركة.
ورغم صعوبة المرحلة الانتقالية إلا أن فرص نجاح التجربة السودانية مازالت كبيرة، في بلد يتسم شعبه بأنه سياسي بالفطرة ولديه اعتزاز بكرامته رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة.