بقلم: رشا عيسى – تشرين السورية
الشرق اليوم- بين دفع العلاقات قدماً وبين اتخاذ موقف عدائي مسلح بكل أشكال التحالفات لإبقاء الحرب مع الصين متقدة، يضع الرئيس الأميركي جو بايدن مسافات بين الارتباط مع الصين عبر اتفاقات تحترم سيادة وخصوصية كل منهما وبين الانفصال الواضح في العلاقات وإبقاء التوترات التجارية والاقتصادية والسياسية على أشدها.
وبين الحرب وإعادة الارتباط تظهر الازدواجية الأميركية بشكل كبير في هذا الملف، حيث لم يجرؤ بايدن على إنهاء كل الصلات مع الصين، بينما يصر على إظهارها بمظهر العدو الأول لبلاده ويرسل وزراءه إلى آسيا تحت عنوان (مواجهة الصين) في حين يتحضر الوزراء أنفسهم للانخراط في أولى المحادثات مع الجانب الصيني بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض.
تعمل إدارة بايدن على وضع محددات للعلاقات مع بكين بشكل تناسب مصالحها من جهة وإشعال العالم ضد بكين من جهة أخرى عبر حملة واسعة لتطويق الصين وتشويه صورتها عالمياً وتكريس مزاعم تتحدث عن “الخطر القادم من الصين”.
ومع تلك الهجمة ضد بكين يعمل فريق بايدن للحصول على كل مزايا التقارب مع الصين دون إعطائها مزايا مشابهة نتيجة هذه العلاقة التي يجب أن تكون متبادلة، أما المفاضلة على أفضل المزايا وضرب مصالح الصين من عدة زوايا وإحباط تفوقها المستمر رؤية يستحيل تحقيقها, كون بكين تحتل الصدارة عالمياً من النواحي الاقتصادية والسياسية واستمرار الخصومة معها تعني خسائر فادحة أيضاً للطرف المعادي.
بايدن يريد شراكة من جهة ومواجهة من جهة أخرى ويريد سلك المسارين معاً بعد تقييم مصالح بلاده وتحديد أولويات المرحلة الحالية خاصة أن الولايات المتحدة تمر بموجة ركود اقتصادي لم يسبق لها أن عايشته من قبل.
تحسين الاقتصاد المتآكل ومحاولة إنعاش علاقات متهاوية في آسيا وتشكيل تحالفات لها صبغة عسكرية لمواجهة الصين تشكل تناقضاً بالجملة للأهداف التي طرحها بايدن خلال حملته الانتخابية وتعني استمراراً لما بدأه سلفه دونالد ترامب مع اختلاف واحد أن بايدن يحاول إشراك المزيد من الأطراف في الحرب ضد الصين أو يسخر قواهم لتحقيق المصالح الأساسية لبلاده.