الرئيسية / مقالات رأي / سوريا بعد عقد من الصراع

سوريا بعد عقد من الصراع

بقلم: يونس السيد – صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – بعد عشر سنوات على اندلاع الأحداث السورية، لا تزال فرص التسوية الحقيقية مغيبة عن هذا البلد الذي عانى الكثير الكثير من الويلات والخراب والدمار، بفعل التدخلات الخارجية، على الرغم من التحولات الميدانية وانقلاب موازين القوى الداخلية لصالح الدولة السورية والحكومة المركزية في دمشق.
خلال عقد من الزمن، جرت مياه كثيرة في مجرى الأزمة السورية، وسالت أنهار من الدماء، وعادت البلاد إلى العصور الوسطى، بفعل العنف والخراب والدمار، وتم تشريد أكثر من نصف الشعب السوري في شتى أصقاع الأرض، دون أن يتمكن أي من أطراف الصراع من حسم الأمور لصالحه.
وبالتالي فإن الأحداث التي بدأت بالمطالبة بالحريات والتغيير والإصلاح الديمقراطي، تحولت إلى نزاع مسلح، ثم إلى حرب استنزاف طويلة، لا يزال الشعب السوري هو ضحيتها ووقودها المباشر. والمفارقة أن معظم الأطراف المنخرطة في الصراع وداعميها، كانوا يدركون، منذ البداية، أن لا حلَّ عسكرياً للصراع السوري، لكن بالمقابل ما الذي تم تحقيقه لإيجاد تسوية لهذا النزاع بعد عشر سنوات على اندلاعه؟
ببساطة.. لا شيء، إذ لا يوجد حتى الآن أي ضوء في نهاية النفق، على الرغم من كل المحاولات التي جرت، بدءاً من سلسلة مؤتمرات جنيف، وجولات مسار «أستانا»، مروراً بالاتصالات الثنائية بين واشنطن وموسكو، وصولاً إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية، وهي كلها محطات أخفقت حتى الآن في إيجاد حل للأزمة.
وبالعودة إلى السؤال، ما الذي يحول دون إيجاد تسوية سياسية للنزاع حتى الآن؟ هناك بالتأكيد شبكة من التعقيدات والعوامل الداخلية والخارجية والحسابات المحلية والمصالح الإقليمية والدولية، إذ إن التطورات المحلية التي نشأت في سياق الأحداث، أنهت عملياً ما كان يوصف بـ «المعارضة المعتدلة» لصالح جماعات إرهابية مدعومة من تركيا، بشكل أساسي، مثل «النصرة» و«القاعدة» و«داعش» و«حراس الدين» وغيرها، ولم يبق من «المعارضة المعتدلة» سوى أطياف غير فاعلة ومنصات سياسية غير مؤثرة مثل منصات «موسكو والقاهرة» و«أنقرة»، وبالتالي فإن المشكلة الحقيقية تكمن في الجماعات الإرهابية التي تراهن على التقسيم والانفصال، أو بقاء ممالكها الخاصة في شمال وشمال غربي سوريا.
وهنا تتشابك مصالح هذه الجماعات مع مصالح تركيا التي سعت منذ البداية إلى موطئ قدم في سوريا، تحقيقاً لأطماعها التوسعية، تارة باسم مساعدة الشعب السوري، وأخرى بذريعة ما تسميه «الإرهاب الكردي»، على الرغم من عدم وجود أي تهديد كردي لتركيا منذ ما قبل اندلاع الأحداث، وبالتحديد منذ توقيع اتفاقية أضنة بين دمشق وأنقرة عام 1998.
وبينما تريد أنقرة فرض دور لها في أية مفاوضات مستقبلية، ونيل حصتها من كعكة التسوية، فإن اللاعبين الكبار، في واشنطن وموسكو، لديهم حسابات ومصالح مختلفة، منها ما يتعلق بمناطق النفوذ، ومنها ما يتعلق بالسباق على قيادة الساحة الدولية. لكن أياً تكن هذه الحسابات، فإن الشعب السوري هو من يدفع ثمن فاتورتها الباهظة، سواء بالعقوبات، أو باستمرار النزيف الدموي، طالما أن التسوية المنشودة لا تزال مغيبة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …