الشرق اليوم- استناداً إلى تحليل أجرته شركة الاستخبارات الخاصة Recorded Future، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في 28 فبراير أن كياناً صينياً اخترق شبكة الكهرباء الهندية في نقاط متعددة من مراكز توزيع الطاقة، تزامناً مع استمرار التوتر بين الصين والهند في شرق لاداخ في السنة الماضية. كذلك، تطرقت الصحيفة إلى احتمال أن يكون انقطاع الكهرباء في 13 أكتوبر الماضي في مومباي، عاصمة الهند المالية التي نجحت في احتواء فيروس كورونا، مرتبطاً بذلك الخرق. توحي مقالة “نيويورك تايمز” بأن ذلك النشاط المزعوم ضد منشآت البنى التحتية الهندية الأساسية كان يهدف إلى ردع أي اندفاع عسكري هندي على طول “خط السيطرة الفعلي” ودعم أي عمليات مستقبلية لإعاقة أنظمة توليد الطاقة وتوزيعها في الهند في حال اندلاع الحرب.
تستنتج شركة Recorded Future أن كياناً مدعوماً من الدولة الصينية، اسمه RedEcho، كان وراء تلك الحملة، لكنّ اختياره لذلك الهدف لا يشير إلى رغبته في إطلاق حملة من التجسس الاقتصادي، بل تزعم الشركة أن “تحديد مواقع موارد الطاقة مسبقاً قد يحقق نتائج محتملة كثيرة، بما في ذلك رصد الإشارات الجيوستراتيجية خلال الاضطرابات الثنائية المحتدمة ودعم العمليات المؤثرة، أو قد ينذر هذا التطور بتصعيد العمليات”. تذكر صحيفة “نيويورك تايمز” أن شركة Recorded Future أبلغت “فريق الاستجابة لطوارئ الكمبيوتر” في الحكومة الهندية بما اكتشفته: “اعترف المركز مرتَين بأنه تلقى المعلومات لكنه لم يذكر شيئاً عن اكتشافه للرمز المستعمل في شبكة الكهرباء”.
لكن إذا كانت البنى التحتية المحورية في الهند تشمل هذه المجموعة الأولية من نقاط الضعف التي يمكن استهدافها عبر عوامل مرتبطة ببث الإشارات أو الردع أو العمليات الهجومية، سيبقى التجسس السيبراني جزءاً من التحديات المُلحّة الأخرى التي يواجهها البلد. في وقتٍ سابق من شهر فبراير، ذكرت صحيفة “هندوستان تايمز” أن عدداً من المسؤولين في الحكومة الهندية، بمن في ذلك أشخاص من وزارتَي الدفاع والشؤون الخارجية الأساسيتَين، وقع ضحية حملة تصيّد في 10 فبراير الماضي، وقد أدت تلك العملية إلى إضعاف عناوين البريد الإلكتروني الخاصة بالحكومة. تجدر الإشارة إلى أن التقرير الإخباري لا يلقي اللوم على الكيانات المدعومة من الدولة الصينية صراحةً، لكن الحكومة الهندية كانت قد اكتشفت في الماضي أن الصين حاولت قرصنة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بمسؤولين في مؤسسات الأمن القومي، وفي يناير 2010، اتّهم مستشار الأمن القومي الهندي، مايانكودو كيلاث نارايانان، الصين مباشرةً بإطلاق الحملة السيبرانية التي استهدفت عدداً كبيراً من المسؤولين، بما في ذلك نارايانان.
في ما يخص الاعتداءات السيبرانية التي تختلف عن نشاطات التجسس، لم يتّضح بعد ما تنوي الهند فعله لردعها أو لشن هجوم مضاد في حال وقوع أي اعتداءات محتملة مستقبلاً، إذ تتعدد الأسئلة التي لا تزال عالقة حول القدرات السيبرانية الهجومية مع أن التلميحات المرتبطة بها أصبحت وافرة.
بشكل عام، لا يزال ردع الاعتداءات السيبرانية (واحتمال أن تشمل أي استجابة مناسبة لهذا النوع من الهجوم ضد البنى التحتية المحورية ردوداً عسكرية ناشطة) جزءاً من المسائل المعقدة، ففي كتاب The Perfect Weapon (السلاح المثالي) الصادر في العام 2018، يذكر ديفيد سانغر، مراسل الأمن القومي في صحيفة “نيويورك تايمز” (شارك في كتابة مقالة حول البرمجيات الصينية الخبيثة التي تستهدف شبكة الكهرباء الهندية في 28 فبراير)، أن وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس أوصى الرئيس دونالد ترامب بإعلان استعداده للرد على أي هجوم فعلي بقوة، حتى لو استلزم الأمر استعمال الأسلحة النووية، لردع أي اعتداء سيبراني ضخم على البنى التحتية الأمريكية الأساسية.
ترجمة: صحيفة الجريدة