بقلم: شيماء المرزوقي – الخليج الإماراتية
الشرق اليوم- يدور حديث لا يكاد ينتهي، يتصاعد في أوقات ويخفت لبعض الوقت، لكنه سرعان ما يعود للنقاش والحوار على الساحة، حيث تجده متداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتطرق له البعض في مقالاته، وهناك مؤلفات وضعت عنه.. نعم كتب وبحوث، هذا الموضوع يتعلق بالوظائف والأعمال التي ننجزها، وبدأت التقنيات الحديثة تدخل فيها وتصبح جزءاً منها وتلغي بالتالي وجودنا أو الحاجة لليد العاملة، وهنا تلغى تلك الوظائف وتستبدل بجهاز يقوم بعمل قسم كامل. هناك
مثلاً، وظيفة حيوية ومهمة دخلت التقنية فيها وألغت العنصر البشري تماماً، وهي خدمة الاستعلامات الهاتفية في القطاعات الحكومية والشركات والمؤسسات المالية. لقد تم إلغاء آلاف الوظائف في مختلف أرجاء العالم واستبدال الإنسان بالرد الآلي الذي يعمل أربعاً وعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع، وهناك مجالات أخرى دخلتها التقنيات الحديثة، وتسببت بتسريح الكثير من وظائفهم، ويقال بأن هذه مجرد بدايات متواضعة لثورة الاتصالات وما تحمله من تقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي يعتبره البعض لم يبدأ بشكل حقيقي حتى الآن.
الذي يعنيني في هذه المعمعة أو وسط لجة تلك الحوارات، ليس التخوف من التقنية ولا الدعوة لها، لأنني أعتقد أنها ستأخذ طريقها وتحتل مكانتها بهدوء وإذهال. الذي يعنيني هنا هو الإنسان نفسه وموقفه أمام هذا المد التقني، نحن كأفراد لا نستعد نفسياً ولا مهارياً ولا معرفياً لفقد وظائفنا، ولا نضع خططاً بديلة ولا مسالك وطرقاً نستطيع التوجه نحوها، وأعتقد أن هذه سلبية وخطأ كبير وجسيم.
يقول المهندس وعالم الحاسوب الإنجليزي السير تيم بيرنرز لي، والذي يعرف بسبب اختراعه الشبكة العنكبوتية العالمية، ويعمل أستاذ علوم الحاسوب في جامعة أوكسفورد في المملكة المتحدة: «لا يمكننا لوم التكنولوجيا حينما نرتكب نحن الأخطاء». وأعتبر أن هذا خطأ فادح وكبير، وأقصد بالخطأ هنا سلبية عدم التنبه إلى أن وظيفتك قد تلغى وتعطى لجهاز صغير، من دون أن تكون قد أعددت بديلاً أو وضعت مشروعاً لتعمل عليه.
لا يمكن أن تلوم جهة ما قررت إدخال التقنيات الحديثة ضمن مهام أعمالها، أو تنتقد جهة ما اختارت التطور والتماشي مع التطور العالمي، بل وجّه اللوم لنفسك لأنك لم تتطور ولم تزد مهاراتك ولم تفتح لنفسك نوافذ جديدة من العمل والإبداع.