الرئيسية / مقالات رأي / الشرق الأوسط والصراع على الجيوسياسية

الشرق الأوسط والصراع على الجيوسياسية

بقلم: ناجي صادق شراب – صحيفة إيلاف

الشرق اليوم– تعتبر منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم استهدافا من قبل القوى الإقليمية والدولية لما لاها من أهمية جيوسياسية في تحديد موازين القوى، وبقدراتها الاقتصادية الكبيرة النفطية منها، وما تشكله من قوة مالية.

وشهدت المنطقة كل أشكال الصراع بين القوى الإمبراطورية وثم الصراع بين الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى وما نتج عنها من سقوط الدولة العثمانية وتقسيم المنطقة وفقا لاتفاق سايكس بيكو إلى دول قومية هشه ضعيفه قابله للانفجار في اي وقت بالحفاظ على البنية الإثنية والمذهبية والطائفية والدينية والتى نرى تجلياتها اليوم، ثم الصراع بين القوتين العظمتين بعد الحرب الكونية الثانية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وسيادة سياسات الاستقطابات والتحالفات التقليدية.

اليوم، أبرز أشكال الصراع بين دول وقوى غير عربية وهي إيران وتركيا وإسرائيل، ولم تعد اللحظة التاريخية العربية لها وجود، فالصراع بين قوى غير عربية على أرض عربية، وتعتبر المنطقة العربية بحدودها الجغرافية هي منطقة مجالها الحيوي.

المنطقة العربية تعاني من هشاشة سياسية وتصلب أنظمتها وحالة الركود والجمود ومقاومة التغيير، وبروز دور الفواعل من غير ذات الدول وخصوصا الجماعات المتشددة، وانتشار ظاهرة الحروب الأهلية والعنف والإرهاب الذي تحركه قوى غير عربية، ومن أبرز مظاهرها تحول النزاعات فيها إلى أشبه بعقدة غوردون فنزاع في دولة ما تنتقل تداعياته للدول الأخرى، وتداخل النزاعات والأزمات بشكل كبير وتحكم مصالح الدول غير العربية في مساراتها وتسويتها.

الإشكالية الكبرى أن المنطقة العربية تعيش مرحلة انتقالية مفصلية، ففي غياب الدور العربي إلى أين تتجه الصراعات والتنافس بين القوى الثلاث؟ واي خارطة سياسية يمكن أن تبرز عنها؟ إلي نصر في “فورين بوليسي” يقول إن الصراع على الشرق الأوسط صراع بين القوى غير العربية الثلاث، ولا مكان فيه للدول العربية، لان المنطقة العربية تدفع ثمن هذا الصراع الجيوسياسي من مستقبلها ووجودها السياسي، وأن هذا الصراع قد يحدد شكل الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، وأن حقيقة الصراع لم يعد صراعا بين المعتدلين والمتشددين أو بين السنة والشيعة، بل بين قوى إقليمية صاعده ولها طموحات قومية، تنظر إلى المنطقة العربية كساحة خالية من القوى، وتعتبر نفسها الأجدر بحكم التلاصق الجغرافي بملئ هذا الفراغ.

المفارقة التاريخية أن هذه القوى الثلاث إيران وتركيا وإسرائيل تلاقت مصالحها في مرحلة تاريخية لضرب وإجهاض اية قوة عربية. وبمساعدة الغرب منذ 1956، وضرب مشروع نواة الوحدة العربية بين مصر وسوريا في العام 1958، وضرب قوة مصر العسكرية باعتبارها الدولة المحورية والقيادية في حرب 1967.

ومنذ غزو العراق للكويت الذي شكل الضربة القاضية للأمن القومي العربي، تتجه المنطقة نحو مزيد من التدهور والعنف وانتشار ظاهرة المليشيات المسلحة أو الوكلاء في يد إيران وتركيا. وفشل ما عرف على تسميته بالربيع العربي والذي ما زالت المنطقة تعاني منه في الإرهاب الممتد والمنتشر في كل المنطقة والذي منح هذه القوى الفرصة للتدخل والتغلغل في قلب المنطقة.

هذا الصراع كفيل بأن يحول المنطقة إلى منطقة هشه بعدد كبير من الكينونات السياسية التي تحكمها جماعات وليس دول ذات سلطة مركزية قوية قادرة على تحقيق التنمية والقوة.

إيران الأكثر تغلغلا ونفوذا وتمددا في أكثر من منطقه، تطور قوتها النووية، وتفعل من دور الوكلاء كحزب الله والحوثيين والجماعات الفلسطينية حماس والجهاد، لها وجود واضح في العراق ، وفى اليمن وسوريا ولبنان ومنطقة القرن الأفريقي .إيران تحركها دوافع الإمبراطورية الفارسية والسلوك القومى الفارسى الذى يعتبر المنطقة العربية وخصوصا منطقة الخليج العربي منطقة مجاله الحيوي والأمني الأولى، وهذا سبب مباشر للحرب في اليمن وفى سوريا، والعراق. اتسمت علاقاتها بالتوتر والتصعيد، واستهدافها أكثر من مرة للأهداف النفطية في السعودية والقوات الأميركية في العراق، وكادت العلاقات تدخل في حرب شامله مع الولايات المتحده وإسرائيل.

أما تركيا فتسعى الآن لإحياء الخلافة العثمانية والعودة للمنطقة عبر أكثر من دولة في شمال العراق، وسوريا وإنشاء مناطق كاملة النفوذ والسيطرة التركية ، ولها كما إيران وكلاء يقومون بدور كبير مثل الأخوان المسلمين, تختلف في علاقاتها عن إيران بعلاقاتها التقليدية مع الغرب وإسرائيل، تتنازع اليوم على غاز البحر المتوسط ولها وجود عسكرى في ليبيا مما وضعها في مواجهة مع مصر

وإسرائيل وهي دولة قوة نووية وتحول دون بروز أي قوة نووية وهذا سببا مباشرا للمواجهات والتصعيد العسكرى مع إيران وخصوصا في سوريا، إسرائيل تعتبر المنطقة كلها تقع في نطاق مجالها الحيوى، استفادت من التهديدات الإيرانية بالدخول في معاهدات سلام مع أكثر من دولة عربية . ويبقى السؤال عربيا كيف يمكن مواجهة هذا التنافس والصراع؟ وبأى آليات وخيارات؟ لا خلاف ان هناك نواة لقوة عربية ثالوثية تتكون من مصر والسعودية والإمارات وتشارك فيها دول عربية أخرى هي الحل والرد على هذا الصراع الجيوسياسي قبل فوات الآوان.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …