بقلم: وليد خدوري – صحيفة الشرق الأوسط
الشرق اليوم- واجهت الشركات البترولية في الدول الصناعية الانتقاد الأوسع من المنظمات البيئية وتلك المعنية بتغير المناخ، لدورها في انبعاثات الكربون. حاولت الشركات الرد في بادئ الأمر، لكن بعد محاولات أولية، قررت أن الرد الأمثل هو ولوج صناعات الطاقات المستدامة وتحقيق الأرباح الممكنة من خلالها. جرى تبني الرد هذا من قبل بعض الشركات النفطية العملاقة من خلال استراتيجيات طويلة المدى مبنية على أمور مبدئية وأخرى ضرورية للبقاء والربح في عصر طاقوي جديد. تنوعت واختلفت استراتيجيات الشركات، وهذا أمر طبيعي ومتوقع.
من جهتها، نشرت شركة “شل” العملاقة استراتيجيتها طويلة الأمد التي تأخذ في الحسبان مرحلة العبور إلى عصر طاقوي جديد يختلف عن العصر الذي قامت عليه هذه الشركة إبان تأسيسها قبل نحو قرن من الزمن.
جرى بناء استراتيجية “شل” الجديدة على أسس ثلاثة متكاملة؛ أولاً: الإنتاج البترولي. ثانياً: النمو. ثالثاً: التحول. وهكذا؛ يتوقع أن يوفر الأساس الأول للاستراتيجية؛ “الإنتاج البترولي”، الأرباح والسيولة المالية للشركة، مما سيؤهلها للاستثمار في الصناعات المستقبلية والاستمرار في توزيع الأرباح العالية للمساهمين. أما الأساس الثاني المعلن للاستراتيجية؛ “النمو” أو “التطور”، فيعتمد على ولوج بدائل الطاقة المستدامة – النظيفة وطرق تسويقها. والأساس الثالث؛ “التحول”، فيشمل ولوج صناعة الغاز المسال، وتكامل صناعتي الغاز والكهرباء وصناعتي الغاز والبتروكيماويات، بالإضافة لاحقاً للطاقات المستدامة.
من اللافت للنظر في هذه الاستراتيجية التي تتخلى عن النفط تدريجياً في الوقت نفسه الذي تعتمد فيه على أرباحه العالية، تذكر “شل” أنه بينما الأرباح المتوقعة من “الإنتاج البترولي” تتراوح بين نحو 20 و25 في المائة سنوياً، تنخفض هذه الأرباح إلى نحو 14 و18 في المائة سنوياً أثناء الدمج الغازي الكهربائي أو الغازي الكيميائي. أما الربح المستقبلي المتوقع عند “التحول” إلى الطاقات المستدامة فهو الأقل؛ نحو 10 في المائة سنوياً. مما يدل على أهمية “المبدأ”؛ أي الهروب من تهمة الانبعاثات الكربونية. و”الضرورة” بمعنى الانتقال إلى قطاع آخر من قطاعات الطاقة، وذلك رغم الفرق الكبير في الأرباح المتوقعة.
يذكر أن استراتيجية “شل” هذه يجري اتباعها عموماً من قبل الشركات البترولية الأوروبية العملاقة الأخرى أيضاً، وإن لم تكن بحذافيرها، كما هو معروف عن “بريتش بتروليوم” و”توتال”. لكن الأمر يختلف كلياً لدى الشركات الأمريكية البترولية العملاقة.
السؤال: ماذا سيكون عليه رد فعل الشركات الأمريكية على سياسة الرئيس الجديد جو بايدن الداعية إلى طاقة نظيفة لتحقيق الولايات المتحدة “الحياد الكربوني” بحلول عام 2050؟ فقد أعلنت وزيرة الطاقة الجديدة جنيفر غرانهولم أن هدفها دعم الأبحاث العلمية في المختبرات الوطنية لتحقيق التغير المناخي ودعم السيارة الكهربائية. لكن نظراً إلى تأخر الشركات البترولية الأمريكية في ولوج خريطة طريق الشركات الأوروبية، ونظراً أيضا لمعاداة الحزب الجمهوري ومجموعات اليمين المتطرف بقيادة دونالد ترامب، اللذين يعدّان “اتفاقية باريس للمناخ” مضرة بالاقتصاد الأمريكي، فمن ثم يُتوقع بروز معارضة قوية لسياسة الرئيس بايدن البيئية، على الأقل على صعيد مجلس الشيوخ والمؤسسات التشريعية للولايات الجمهورية، مما سيعني أن عملية التحول في الولايات المتحدة قد تأخذ وقتاً أطول من أوروبا إلى حين نمو رأي عام أمريكي أوسع وأشمل لصالح الطاقات النظيفة.