بقلم: سري القدوة – صحيفة “الدستور” الأردنية
الشرق اليوم – ما بين قرارات اللجنة التنفيذية وخطوات المصالحة الفلسطينية وما وصلت إليه الأمور على الساحة الفلسطينية تكمن الحقيقة الغائبة وهي أننا في وطن نبحث فيه عن وطن وأننا افتقدنا حتى الوطن ومن لا يعرف الحقيقة فهو لا يريد أن يعرفها ويتجاهل الواقع تماما، بكل تأكيد إن الانتخابات الفلسطينية تشكل فرصة لإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية وتكوين الإنسان الفلسطيني القادر على حماية النهج الوطني والإرث الكفاحي الفلسطيني مع أهمية إيجاد الإطار السياسي والوطني الجامع وبناء استراتيجية وطنية وإسلامية واضحة على قاعدة مواجهة مخططات الاحتلال وإعادة توجيه المسار الوطني في الاتجاه الصحيح وعدم الخوض في صراعات وتناحرات جانبية ستعيد انتاج الانقسام وتعزز أباطرة الانقلاب الظالم وتكرس نهج وثقافة الهيمنة والتسلط بعيدا عن مصالح الوطن العليا وتلك الحالة التي يعاني منها أبناء شعبنا وما وصلنا إليه من أوضاع مأساوية تكرس منهجية الانقلاب وضرورة وقف تلك المهاترات والانطلاق نحو إعادة إنتاج الحركة الوطنية الفلسطينية بكل ما تحتويه من قيم وطنية ومواقف استراتجية واضحة وضخ دماء جديدة والحفاظ على هذا الجيل الذي يتطلع إلي ممارسة حقوقه الوطنية وحماية وطنه المسلوب.
إن البحث عن الحقيقة شيء مؤلم ومن لا يعرف واقع شعبنا الفلسطيني في ظل حالة الضياع والانقسام فهو يكون خارج الشعب ولا يحق له التحدث عن معاناة الناس ومشاكلهم فهو يعيش في دنيا وأحلام نرجسية وواقع شخصي يكون فيه بعيدا عن معاناة أهلنا وحصارهم ومشاكلهم فمن يفكر في التجارة بالشعب عبر فرض القيود في ظل الحصار وانعدام أبسط متطلبات الحياة ليبقى هو في موقعه فهو خارج عن الشعب ويجب أن يرحل.
ما من شك أن من يتاجر في هموم الشعب الفلسطيني ويسوق المواقف الكاذبة سرعان ما ينهار ويبقي يمارس الحقد الأعمى وحيدا لا ينتج إلا الحقد ويعبث بقدرات الشعب حفاظا عن مصالح شخصية معدمة وبريق لامع هنا أو هناك، فهذا هو أخر ما تبقى لهم أن يتاجروا في عذاب الشعب ويتآمرون على مستقبله، وإن لغة التجهيل التي يتبعها البعض هي لغة عابرة على شعبنا ولا يمكن أن تكون هذه اللغة إلا بريقا لامعا سرعان ما ينطفئ ويذهب مع الريح.
إن من سمات الإعلام الأساسية هو المصداقية والوضوح والحيادية وإن الانتخابات هي فرصة حقيقية للعودة إلى الشعب ليقول كلمته وعندما تتجاهل وسائل الإعلام هذه الحقيقة سرعان ما تفقد ثقة متابعيها وتتحول إلى بوثقة فاسدة وصوت وبوق إعلامي فاسد لا يخدم شعبنا ويعزز لغة الانقسام والفرقة ويشعل نار الفتنة ومن يستغل الإعلام ليصنع لنفسه بريق لامع سرعان ما يفقد هذا البريق وتسقط أوراق التوت عن عورته وتكون الحقيقة هي الأساس في التواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني.
أصبحنا في زمن نبحث فيه عن السراب ونلهث وراء المجهول، افتقدنا فيه البوصلة وابتعدنا عن المسار السياسي وأصبحت نيران الفتنة تشتعل لتحرق قوتنا ووحدتنا فهناك من يبحث عن تهدئة مجانية مع الاحتلال ويتحكم في مصير الشعب الفلسطيني لمصالح شخصية ومواقف حزبية ضيقة والاستيطان يبتلع أرضنا في الضفة الغربية وشعبنا الفلسطيني يدفع الثمن من وحدته ومواقفه وهؤلاء الباحثين واللاهثين وراء الكرسي ويتاجرون بشعبهم على حساب مقومات الكفاح والنضال الوطني وانجازات الحركة الوطنية الفلسطينية وتطلعات أبناء الشعب الفلسطيني الحر في إقامة دولة المستقلة والقدس عاصمتها.