بقلم: عادل السنهورى – اليوم السابع
الشرق اليوم- منذ عام 96 تراجعت العلاقات المصرية السودانية خطوات كثيرة الى الوراء وتوتر العلاقات فى سنوات ما بعد حادثة محاولة اغتيال الرئيس الأسبق مبارك. وتحولت العلاقات التى كانت نموذجا للتعاون والعلاقات الوطيدة الى كتلة لهب ومصدر للازعاج والتوتر والقلق للامن القومي المصري وتباعدت المسافات في ظل تغلغل الاخوان في شرايين نظام الحكم السابق في الخرطوم.
بوصلة السياسة للنظام السابق فقدت هويتها وضلت الطريق بحسابات ومصالح ضيقة بعيدا عن مصر التي لم تتخلى عن دورها القومي تجاه أشقاءها وبخاصة السودان والجهود السياسية والدبلوماسية الحثيثة لرفع اسم السودان من جدول الدول الراعية للارهاب وعدم الاندفاع خلف سياسات العداء التي كانت وراءها بعض دول المنطقة وخاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013 الثورة السودانية في ديسمبر 2018 أدركت حقائق التاريخ والجغرافيا ووحدة المصير بين الجارة والشقيقة الكبرى مصر، فتعددت الزيارات من قادة الثورة الى مصر وأعلنت مصر موقفها المؤيد والداعم للشعب السوداني في تحقيق أماله وطموحاته ومستقبله السياسي خلال ثورة ديسمبر، وتعددت الزيارات المصرية الى السودان وتجلت في التعاون العسكري بين الجانبين واجراء المناورات الجوية المشتركة “نسور النيل 1” في نوفمبر الماضى في الشقيقة السودان.
المؤشرات في ترمومتر العلاقات المصرية السودانية عقب 2018 يؤكد أن مسار العلاقات يشهد ” نقلة نوعية” ثم جاءت الزيارات المتبادلة بين مسئولي البلدين لتؤكد وجود إرادة سياسية واقتصادية سيكون لها انعكاسات جيدة على تطوير العلاقات الثنائية مستقبلا.
وخلال زيارة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء الى السودان في أغسطس الماضى أكد ان هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاستجابة لكل احتياجات الأشقاء في السودان واتفق الجانبان على تفعيل اللجنة الفنية الدائمة المصرية السودانية المشتركة، وزيادة قدرات مشروع الربط الكهربائي بين البلدين. كما اتفقا على إعادة هيكلة هيئة وادي النيل للملاحة البحرية، ووضع خطة لتعزيز التبادل التجاري والاستثمار، فضلا عن مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين. وتم كذلك الاتفاق على استقبال مصر لعدد من مصابي الثورة السودانية للعلاج في مستشفياتها، وعلاج 250 ألف سوداني من فيروس سي في إطار مبادرة الرئيس السيسي لعلاج مليون إفريقي.
الزخم الايجابي في العلاقات المصرية السودانية كان يشير الى ان هناك إرادة سياسية واقتصادية تتشكل بين القاهرة والخرطوم، وأن المرحلة المقبلة ستشهد دورا متناميا في التنسيق والتعاون المتبادل لخاصة في المجال الاقتصادي والأمني في ظل التحديات التي تواجه البلدين والمخاطر التي تطل على القاهرة والخرطوم من سد النهضة الأثيوبي لذلك أظن ان الزيارة الحالية للرئيس عبد الفتاح السيسي للسودان الشقيق هي تتويجا للعلاقات الثنائية المتنامية بين البلدين وهي لا تحتاج الى تكرار القول بأنها علاقات تاريخية وذات خصوصية ومابين الجانبي كثير.. وكثير جدا . وردود الأفعال المرحبة والمتفاعلة فى الاوساط الاعلامية والشعبية والسياسية في الخرطوم لأهمية هذه الزيارة تؤسس لمرحلة جديدة فى العلاقات مع سودان الثورة والديمقراطية والدولة المدنية وهذه العلاقات الوطيدة والتاريخية والمصيرية بين البلدين يمكنها جلب الخير وتدفقه على الجانبين فى كافة المجالات الاقتصادية والتجارية وإحياء أحلام المشروعات المشتركة وإحياء حلم ” السودان سلة الغذاء للأمة العربية”
مجمل القول إن زيارة الرئيس السيسي للسودان الشقيق تأتي في مرحلة تاريخية غاية في الأهمية للبلدين وتحمل الكثير من الرسائل الإيجابية لمستقبل العلاقات بين البلدين.. لكنها تؤكد في الوقت الراهن حتمية العلاقات القوية بين القاهرة والخرطوم.