بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم- أثار التقرير الذى أصدرته الاستخبارات الأمريكية والاتهامات التى وجهها بحق ولي العهد السعودي بتورطه فى قضية مقتل جمال خاشقجي، ردود فعل واسعة فى داخل المملكة وخارجها، واتضح من خلاله الفارق الكبير فى التعامل مع هذا التقرير بين الخبراء والسياسيين السعوديين من جهة ونظرائهم الأمريكيين من جهة أخرى.
وقد تابعت طوال الأسبوع الماضي ما نشر حول هذه القضية فى صحف ووسائل إعلام عالمية، فكان موقف الباحثين والخبراء السعوديين من داخل المملكة، ليس فقط رفضه، وهو مفهوم، إنما التقليل من تأثيره على العلاقات بين البلدين، أما الخبراء الأمريكيون أو العرب المقيمون فى أمريكا أو أوروبا فقد اعتبروا أنه يمثل تحولًا نوعيًا كبيرًا فى توجهات الإدارة الأمريكية تجاه ملف حقوق الإنسان والديمقراطية فى الشرق الأوسط، وستكون له تداعيات على مستقبل العلاقة بين والولايات المتحدة والمملكة.
يقينًا ملف حقوق الإنسان كثيرا ما وظف سياسيا من قبل إدارات غربية كثيرة، ولم يكن الهدف فقط أو أساسا هو الدفاع عن القيمة العليا، أى حقوق الإنسان، إنما أغراض سياسية مؤكدة، ولكن هذه المرة اختلف الأمر من زاويتين: الأولى أن الإدارة الجديدة تنوى فى إطار الدفاع عن المصالح الأمريكية فى العالم أن تدمج الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كجزء من سياستها الخارجية، خاصة أن هناك قناعة لدى كثيرين فى الإدارة الجديدة بأن صراعها مع الصين غير الديمقراطية (التى تنجز وتتقدم فى العلم والاقتصاد والسلاح) يحتاج إلى إعادة الاعتبار لقيم الديمقراطية فى العالم، بما يمثل حماية للنموذج الديمقراطى الأمريكى نفسه، الذى واجه تحديات كبيرة أثناء حكم ترامب، وفى نفس الوقت أكد الرئيس الجديد أن الدفاع عن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان سيكون بأدوات سياسية واقتصادية كجزء من «العودة الأمريكية»، بما يعنى أن هذه الرؤية الجديدة يراها بايدن عنصرًا جديدًا يحقق المصالح الأمريكية، أما الزاوية الثانية فتتعلق بطبيعة الإدارة الحالية وفريقها الجديد بخلفياتهم ومواقفهم السياسية والشبكات الحقوقية والمدنية التى تدعمهم والتى تجعل هناك تربصًا مسبقًا بأكثر من نظام فى العالم العربى ومنها السعودية.
على المملكة ألا تقلل من حجم هذه الموجة، فهى ليست مثل سوريا أو إيران جزءًا من التحالف الروسى الصينى، إنما هى شريك استراتيجى للولايات المتحدة، ويجب أن تتعامل (ولا أقول تتبنى) بجدية مع هذه الأطروحات، فالمطلوب عدم تجاهل أى إصلاحات فى المنظومة السياسية يطالب بها مثقفون سعوديون مخلصون، بعد أن حققت إنجازات مؤكدة فى قضايا الإصلاح الدينى.
المؤكد أن السعودية حققت فى السنوات الأخيرة إصلاحات لم يكن يُتصور إجراؤها من قبل، عن طريق إصدار تشريعات عززت من المساواة ودور المرأة فى المجتمع، وجعلت هناك قاعدة اجتماعية شابة تؤيد هذه التوجهات الجديدة، وهى أمور فى حاجة أن تُدعم بمراجعة ملف حقوق الإنسان.