بقلم: د. مارسيل جوينات – صحيفة “الدستور” الأردنية
الشرق اليوم – تضم أرض الرافدين رموز ومعتقدات الأديان السماوية عبر التاريخ، والتنوع الديني والثقافي والمذهبي والقومي وهذه الميزات يجب علينا تقديرها لما تحمله من محبة وسلام.
على هذه الأرض المقدسة العديد من أقدم الكنائس المسيحية في الشرق والعالم وكذلك العديد من الطوائف المسيحية من كلدان وسريان وآشوريين وغيرهم. ومن يقرأ التاريخ سيتعرف على الإرث الثقافي والديني الحضاري الذي مر عليها.
وتعد زيارة البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكية إلى أرض المشرق الزيارة المثالية في الوقت الصعب، ورغم المخاطر الأمنية وتفشي وباء كورونا لم تمنعه من الإيفاء بوعده للشعب العراقي الذي انتظر هذه الزيارة التاريخية، والتي تحمل رسالة المحبة والتآخي والعيش المشترك وتعزيز الحوار بين الأديان.
فهذه الزيارة تترجم وثيقة الأخوة الإنسانية، حرية المعتقد واحترام هوية كل ديانة.
وزيارة الحبر الأعظم البابا فرنسيس إلى النجف واجتماعه مع مرجعية شيعية السيد علي السيستاني. وزيارة سهل أور « الرمزية الإبراهيمية» مسقط رأس النبي إبراهيم، وأربيل والتي تعد محطة محورية في هذه الزيارة حيث سيقام القداس البابوي في ستاد فرانسوا حريري والموصل عاصمة محافظة نينوى وقرقوش التي كانت تضم مجتمع مسيحي لكن تم التهجير لهم والتدمير إثر هجمات «داعش». هذه المحطات العديدة تحمل معاني ورسائل ومضامين واضحة على المستويان الديني والسياسي لكونه رئيس دولة الفاتيكان بالإضافة للمكانة الدينية التي يحملها بكل مسؤولية ومحبة.
إن حلم القديس البابا يوحنا بولس يتحقق بهذه الزيارة إذ لم يتمكن قداسته من زيارة العراق عام 2000.
الشعب العراقي شعب معطاء وكريم وله فضل على العديد من الشعوب، وهو الآن بجميع اطيافه واديانه ومذاهبه ومعتقداته من أشد الشعوب عوزاً وحاجة إلى التفات العالم إليه، وإلى المآسي الذي يعيشها، وخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة. هذا الشعب الجريح الذي واجه العديد من الحروب والانقسامات والاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر بحاجة الآن لأن يضم جراحه ويعود إلى حياته الطبيعية في ظل وجود العدالة والحرية والسلام.
ولا أستطيع إلا أن أذكر هنا الانتهاكات من جماعة داعش من استرقاق النساء والأطفال والعنف والجرائم والتهجير والتدمير، والتاريخ يسجل.
بلد الرافدين بلد الحضارات والثقافات والأديان تستحق منا النظر إليها بمحبة، ولنطلب من الله ان يعم السلام والإخاء بين أبناء شعبه وتعود وحدة واحدة يجمعهم انتماؤهم إلى وطنهم اولاً. والنظر إلى ما يجمع هذا الشعب وليس إلى ما يفرقه.