بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – لعل من أفضل النتائج التي خرجت بها خلوة الحكومة السودانية التي استمرت ثلاثة أيام، البند الذي أعاد الاعتبار إلى ذوي الاحتياجات الخاصة وأحقيتهم في الوظائف الحكومية، ودورهم في البناء الوطني. هذه النقطة جديرة بالثناء حقاً، وتعكس روح المسؤولية وحس العدالة في توزيع الفرص، وقيام السلطة الحكومية بواجبها إزاء كافة قطاعات المجتمع.
وبالطبع، فقد تضمنت نتائج الخلوة، العديد من البنود المهمة والاستراتيجية ما يضع الحكومة وقادتها في قلب المشروعية المجتمعية، كما أنها تعيد تعريف علاقة السلطة بالمجتمع، وهي علاقة كانت في أحسن الفروض غامضة خلال العهد الماضي، إن لم تكن غائبة كلياً.
ومن البنود المهمة الأخرى التي خرج بها اجتماع الحكومة الماراثوني، البند الخاص بإقامة مشاريع لتوفير الأمن وخدمات المياه والصحة والكهرباء، والتعليم والاتصالات في المناطق المتأثرة بالحروب، وإعادة اللاجئين والنازحين طوعاً إلى مواطنهم الأصلية.
النجاح المبدئي لهذه الخلوة التي دعا إليها رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، لم يكن ممكناً من دون أن تسبقه اتفاقات السلام مع الحركات المسلحة في منطقتي دارفور وجنوب النيل الأزرق، ودخول قادة الحركات المتمردة في المنطقتين في تشكيلة الحكومة الجديدة التي باتت تمثل أوسع طيف من الأحزاب والتيارات الفكرية والاجتماعية في السودان. وكانت مبادرة تعويم الجنيه السوداني بهدف إعادة السيطرة على الأزمة الاقتصادية، اختباراً حقيقياً لحجم وقوة الدعم الشعبي الذي تحظى به هذه الحكومة.
وقد عكست الخلوة بين أركان الحكومة، درجة عالية من الانسجام بين الوزراء من ممثلي الأحزاب والتيارات السياسية، ونظرائهم من داخل الحركات المتمردة السابقة. ويعتبر هذا الانسجام شرطاً ضرورياً لنجاح البرامج والمشروعات الحكومية، لكنه ليس الشرط الوحيد؛ إذ إن هناك حركتين متمردتين على الأقل، لم توقعا، حتى الآن، على اتفاقات سلام مع الحكومة وهما الحركة الشعبية لتحرير السودان جناح عبد العزيز الحلو، في مناطق جنوب كردفان، وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، التي تنتشر في إقليم دارفور.
وعلى الرغم من أن الحلو وعبد الواحد نور لم يوقعا اتفاقات سلام، فإنهما أيضاً ليسا في وارد استئناف الحرب. هما يبحثان عن شروط تفاوض أفضل. وقد رفعت الحكومة غصن الزيتون أمام الحركتين وتعهدت باستئناف المفاوضات مع الحلو ونور وصولاً إلى استكمال مسيرة السلام.
وتشكل قضية توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، الخطوة الاستراتيجية الأكثر أهمية في تعزيز الاستقرار والبناء والتنمية. فالوضع الحالي للجيوش المختلفة مثير للقلق على مستوى السلطة والمجتمع على السواء. وفي هذا الخصوص، فقد تعهد رئيس الحكومة وطاقمه الوزاري، بتشكيل جيش قومي مهني محترف وموحد، وإصلاح جهازي المخابرات العامة، والشرطة، وإنشاء جهاز الأمن الداخلي، ضمن استراتيجية أمن وطني شامل وفق عقيدة وطنية تتجه للدفاع عن الوطن والنظام الدستوري.
ولاشك في أن مشروع النقاط الخمس يقوم على أرضية وقف الحرب، وبناء السلام، وتضمن أيضاً بنوداً مهمة عن الاقتصاد والسياسة الخارجية، وأبرز شكلاً لحكومة ذات رؤية وبرنامج، وجديرة بالثقة.