بقلم: د.أكمل عبدالحكيم – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – في سابقة ربما تكون الأولى من نوعها، قام المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، من خلال مؤتمر صحفي نهاية الأسبوع الماضي، بمطالبة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية وقف إجراءات الحماية التي توفرها قوانين الملكية الفكرية، للأبحاث والاكتشافات المتعلقة بالتطعيمات ضد فيروس “كوفيد – 19″، ذلك لأن تلك القوانين تمنع حالياً شركات الأدوية الأخرى والمعامل البحثية في باقي دول العالم، من المشاركة في إنتاج المزيد من الجرعات، وهو ما يهدد جهود احتواء الفيروس ووقف انتشاره.
وتأتي هذه المطالبة بعد شهور من تقدم كل من الهند وجنوب أفريقيا باقتراح لمنظمة التجارة العالمية في أكتوبر الماضي، بوقف مؤقت لتطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية على التطعيمات التي تم تطويرها ضد فيروس “كوفيد – 19”. إلا أن هذا الاقتراح قوبل بمعارضة شديدة من الدول التي تتوطن بها كبرى شركات الأدوية والعقاقير متعددة الجنسية، والتي نجح بعضها بالفعل في تطوير تطعيم، وأحياناً أكثر من تطعيم، مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وسويسرا.
وبنيت تلك الدول معارضتها على أساس أن الحماية التي توفرها قوانين الملكية الفكرية، وما توفره من حماية للاستثمارات الضخمة في هذا المجال، والتي تقدر بالمليارات، كانت هي المحرك الأساسي خلف اكتشاف وتطوير عدة تطعيمات، وفي زمن قياسي غير مسبوق.
وبالتالي فقدان تلك الشركات للعائد الضخم المتوقع من اكتشافاتها، سيدفع رأس المال الاستثماري للخروج من هذا المجال، مما سيعيق تطوير المزيد من التطعيمات، خصوصاً في ظل التوقعات بأن التطعيمات الحالية والمستقبلية ستحتاج لتعديلات للتكيف مع النسخ المتحورة من الفيروس، والتي باتت تطل برأسها من حين لآخر.
وعلى الجانب الآخر، ترى الدول التي تقدمت باقتراح الوقف المؤقت لحقوق الملكية الفكرية، أن هذه القوانين، وما تسببه من إعاقة لإنتاج المزيد من الجرعات في مصانع ومعامل الشركات الأخرى، هي بالتحديد المحرك الرئيسي خلف انتشار الفيروس، وازدياد وتيرة تحولاته.
وحتى إعلان بعض الدول مثل بريطانيا، عزمها التبرع بملايين الجرعات حال توفر فائض لديها من التطعيمات، قوبل بالرفض والاستهجان، والدعوة بأن تكون تلك التبرعات فوراً والآن، وليس لاحقاً عندما يتوفر الفائض. وبين هذا المعسكر وذاك، يبقى الوضع في حالة من الجمود، في وقت ينتشر الفيروس فيه انتشار النار في الهشيم.