بقلم: عبد اللطيف المناوي – المصري اليوم
الشرق اليوم – مسألة مفاوضات “سد النهضة” بين مصر وإثيوبيا والسودان كأطراف رئيسية، طالت أكثر من اللازم. أولاً، لأن الوضع التفاوضي ليس مريحا بشكل كبير من الجانب الإثيوبي، الذي لا يزال مصرا على اتخاذ قرارات أحادية تضر بمصالح الأطراف الأخرى، التي طالما اشتكت من تعنت ومماطلة عجيبة.
ثانيا، لأن إثيوبيا بالفعل تكمل بناء السد، بل تسرع في إجراءات الملء التي تتحفظ عليها مصر على وجه الخصوص، فقد أعلنت منذ أيام قليلة أنها ماضية فيما كانت تخطط له، دون النظر للمسار التفاوضي، وهو أمر عهدناه على أديس أبابا في هذه القضية.
ثالثا، لأن المؤسسات الإقليمية والدولية، ومعها الأطراف المشاركة والضامنة لمسار المفاوضات، فشلت مساعيها، أو بالأحرى لم تستطع ضمان حفظ حقوق كل الأطراف، وعدالة مطالب كل منها، وهو أمر تساوت فيه وساطات وضمانات الاتحاد الإفريقي والمسؤولين الدوليين والأمريكيين.
رابعا، أن التغير الذي طرأ على كرسي البيت الأبيض، برحيل دونالد ترامب، الذي كان متفهما للموقف المصري بشكل كامل، بل هو كان صاحب التصريح الأشهر بحق مصر في الحفاظ على حقوقها المائية بأي طريقة، ربما يكون الجانب الإثيوبي قد فهمه بطريقة تصعب المفاوضات أكثر، وتؤزم الموقف أكثر وأكثر.
هذه نقاط واضحة أمام الجميع، أمام الإثيوبيين قبل المصريين، وأمام القاصي في أبعد بلاد الدنيا قبل الداني الذي يسكن في قرى مطلة على النهر في بلاد الحوض ذاته.
الحلول السياسية مستمرة بكل تأكيد، والوساطات ربما لا تنتهي قريبا، ولكن كما قلت في البداية المسألة طالت أكثر من اللازم.
جربت مصر آليات مختلفة، اعتمدت على وعود بتقديم حزم مساعدات فيما كان ينقص الأشقاء في أديس أبابا. على مستوى الكهرباء والزراعة، ومجالات التنمية المختلفة، وذلك كجزء من استراتيجية مصرية شاملة بالتوجه نحو القارة السمراء.
حاولت مصر أن تساعد بشكل مباشر وغير مباشر، ولكن المسألة طالت أكثر من اللازم.
أود هنا التأكيد على ضرورة أهمية السعي المصري لدى كافة الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، وتحديدا تلك التي لها مواقف داعمة للجانب الإثيوبي، وكذلك الممولة لبناء سد النهضة، من أجل أن تراجع مواقفها تلك، سواء بالدبلوماسية المنطقية الهادئة والمتوازنة التي تمارسها القاهرة مع الجميع، أو حتى بوسائل ضغط بما تملكه القاهرة من أوراق، كحل آخر وليس أخيرًا بكل تأكيد.