الرئيسية / مقالات رأي / ترامب والانقسام الجمهوري

ترامب والانقسام الجمهوري

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- للمرة الثانية في غضون نحو عام، تتم في الكونجرس الأمريكي تبرئة ترامب من التهم المنسوبة إليه، على الرغم من الدلائل القوية التي تدعم تورطه فيها، لاعتبارات سياسية مختلفة، وأخرى تتعلق بحسابات داخلية على مستوى الحزب الجمهوري، وعلى المستوى الوطني العام أيضاً، لكن ذلك لم يخف حقيقة انقسام الحزب الجمهوري، والانقسام الأمريكي الداخلي بوجه عام.

 وما بين طي صفحة ترامب، كما يطمح الكثيرون وفي مقدمتهم قيادات مهمة في الحزب الجمهوري، أو إعادة فتحها من جديد كما يأمل ترامب وأنصاره الذين يعتقدون أن مشروعهم السياسي قد بدأ للتو، ثمة مساحة واسعة للعب على التناقضات في الفضاء السياسي والمجتمعي الأمريكي. بمعنى أن أجندات الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري، لا تزال مفتوحة، وإن كانت أغلبية الأمريكيين (62 %) سئمت من سياسات كلا الحزبين، بسبب أدائهما الضعيف في تمثيل الشعب الأمريكي، وباتت تعتقد أنه قد حان الوقت لقيام حزب سياسي رئيسي ثالث في الولايات المتحدة، كما يشير استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “جالوب” ونشر في منتصف فبراير/ شباط الحالي. والواقع أن تبرئة ترامب في الكونجرس عززت الانقسام في الحزب الجمهوري، ليس فقط لأن سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ انضموا إلى الديمقراطيين في سعيهم لإدانته، وإنما لأن الانقسام بين النخب الجمهورية، خصوصاً بين القيادات التقليدية والمعتدلة وبين ممثلي التيار الشعبوي الترامبي، كان قائماً منذ وقت طويل، وها هو الآن يظهر بشكل أكثر حدة، فالتصويت لمصلحة تبرئة ترامب بالنسبة إلى الجمهوريين لم يكن سوى محاولة للحفاظ على تماسك الحزب الجمهوري، رغم قناعتهم بمسؤولية ترامب السياسية والأخلاقية والعملية عن أحداث 6 يناير/ كانون الثاني الماضي.

 لكن معضلة الجمهوريين تكمن في كيفية التخلص من ترامب مع الحفاظ على وحدة الحزب، والإعداد للانتخابات المقبلة في عام 2024 من دون خسارة القاعدة الشعبية الهائلة التي تدعمه، أي الحفاظ على الحزب الجمهوري كحزب لليمين المحافظ والحيلولة دون نجاح اليمين القومي الشعبوي، وهي معادلة تبدو في غاية الصعوبة، مع وجود قوة انتخابية تمنح ترامب ما بين 70 إلى 80 في المئة من أصوات القاعدة الجمهورية بشكل عام، وقد تكون النتيجة أسوأ في حال انشقاق ترامب وتشكيل حزبه الخاص. وهناك أيضاً على الضفة الأخرى، يسعى الديمقراطيون لتمرير أجندتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي لا تلقى بشكل عام قبولاً لدى الجمهوريين قبل حلول الانتخابات النصفية للكونجرس في نهاية عام 2022، إدراكاً منهم بأن أي عودة قوية للجمهوريين ستعرقل، أو تعيق تنفيذ أجندتهم بسلاسة، ما ينعكس على خياراتهم المستقبلية.

 ومع أن النخب السياسية والفكرية لا تستبعد احتمالات الصدام المجتمعي، أو حتى اندلاع حرب أهلية بسبب الانقسام الحاد في المجتمع الأمريكي، إلا أن هناك من يعتقد من الأمريكيين بأن اختفاء ترامب من الساحة السياسية قد يقلص حجم المخاطر، بقدر رهان القيادات الجمهورية التقليدية على أن تؤدي الملاحقات والدعاوى القانونية التي يواجهها ترامب إلى إقصائه من الساحة السياسية، وإنقاذ مستقبل الحزب الجمهوري.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …