الشرق اليوم- في نهاية سبع دقائق من الرعب، هي المدة التي استغرقها الروبوت “برسفيرنس” ليستقر على سطح المريخ، هلل الخبراء في مختبر الدفع النفاث التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا)، والواقع قرب لوس أنجلوس فرحين بوصول إشارات لاسلكية تؤكد نجاة المركبة الجوالة.
فبعد رحلة طويلة امتدت سبعة أشهر، قطعت المركبة رحلة طويلة في الفضاء امتدت 480 مليون كيلومتر، بسرعة 12 ألف ميل في الساعة، كانت عملية الهبوط محفوفة بالمخاطر حيث كانت المنطقة المستهدفة عبارة عن حوض شاسع يسمى حفرة جيزيرو، والذي يعتبر أخطر موقع هبوط على الإطلاق على سطح الكوكب الأحمر بسبب تضاريسه.
وستعمل المهمة على البحث عن حياة على سطح المريخ، وستدرس مناخه، وتضاريسه وصخوره ورماله بحثا عن علامات على حياة ميكروبية قديمة على الكوكب الأحمر، من خلال مجموعة من الكاميرات وضعت في زوايا مختلفة من الروبوت الجوال برسيفيرانس، بحسب مقال في موقع “وايرد“.
ترى بعض الكاميرات المثبتة في الروبوت الألوان والأنسجة بنفس الطريقة التي ترى بها عيون الإنسان هذه الأشياء، لكن بعض الكاميرات تذهب لما هو أبعد من ذلك حيث تلتقط صورا لأجسام من الصعب رؤيتها بالعين المجردة، وترسلها إلى الخبراء في وكالة ناسا الذين بدورهم سيعملون على تحليلها ودراستها لفهمها بشكل أعمق.
فحتى لو ذهب رواد فضاء حقيقيون من البشر، فإن أعينهم لن تستطيع أن تلتقط ما يمكن لكاميرات الروبوت “برسفيرنس” أن تلتقطه.
فالضوء على المريخ يختلف عما هو موجود على كوكب الأرض، ويمكن لكاميرات الروبوت أن ترى الاختلاف والضوء الذي لا يستطيع البشر رؤيته، حيث أنه ضوء من الأشعة السينية المنعكسة أو الأشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية، فضلا عن أن كوكب المريخ مليء بالغبار الأحمر.
ويعتقد العلماء أن فوهة جيزيرو التي هبطت فيها المركبة، تعود لبحيرة سابقة كانت موجودة قبل 3.9 مليارات عام، وأنها كانت بحيرة ضحلة تتدفق الرواسب على جدرانها. واليوم، يبلغ ارتفاع هذه الجروف 150 قدما تقريبا، وهي مخططة ومتعددة الألوان من خلال تلك الرواسب المنتشرة والجافة عبر الدلتا القديمة.
هذه الألوان هي عبارة عن رسم بياني جيولوجي، لتكون شاهدة على مرور العصور، وترسم صورة لكيفية تكوينها، فهي مرتبة بشكل طبقات، طبقة بعد طبقة، حقبة بعد حقبة.
علماء ناسا بدورهم سيختارون النوع المناسب من الكاميرات التي يجب توجيهها لكل نوع من الصخور والألوان حتى تكون لديهم القدرة على معرفة المعادن التي يبحثون عنها.
ومن المقرر أن تتحرك المركبة فوق سطح المريخ وتحفر بذراعها الآلية لأخذ عينات من صخور الكوكب الأحمر، وتصويرها، فضلا عن إحضارها إلى الأرض عند عودتها في 2030.
واختار العلماء هذا المكان لأنه ربما يكون الأنسب لتأكيد وجود حياة سابقة على الكوكب، نظرا لأنه من المنطقي أن تكون الحياة بالقرب من وجود ماء.
من بين الكاميرات المرفقة في الروبوت مجموعة من مناظير العلوم الفائقة مخصصة للتكبير تسمى “رانز ماستكام-زي” ولتتمكن من رؤية تفاصيل بعرض حوالي 1 مللي متر من على بعد 100 متر وقادرة على رؤية الألوان متعددة الأطياف، مع مستشعرات صور قياسية.
لكن على الرغم من تعدد مهام هذه الكاميرات المتطورة والقادرة على التقاط ألوان متعددة الأطياف فإن مجموعة “ماستكام-زي” لها حدودها.
فمجال رؤيتها لا يتجاوز حوالي 15 درجة عرض، وذلك للتحميل السريع بسبب بعد المسافة عن الأرض، وهو ما يعني أن ضيق مجال رؤية الروبوت الجوال فإن العلماء قد لا يمكنهم رؤية كل ما يأملونه.
وبث علماء (ناسا)، الاثنين، تسجيلا مصورا فريدا من نوعه لهبوط مركبة الفضاء (برسيفيرانس) التاريخي على سطح المريخ الأسبوع الماضي.
ويظهر التسجيل، وبوضوح شديد، لحظة انفتاح مظلة لإبطاء سرعة المركبة الجوالة استعدادا للهبوط فوق سطح الكوكب الأحمر واقترابها من السطح.
وأمكن تسجيل اللقطات، الخميس، من خلال مجموعة من الكاميرات وضعت في زوايا مختلفة من المركبة التي حملت (برسيفيرانس) عبر الغلاف الجوي للمريخ إلى أن هبطت بسلاسة في حوض واسع على السطح يُعرف باسم فوهة جيزيرو.
وقال آل تشين، رئيس فريق الهبوط، للصحفيين إن هذه التسجيلات المصورة وهذه الصور هي أكبر أحلامهم.
وأشار إلى أن مقطع الفيديو المصور بالألوان بمعدل 75 لقطة في الثانية يظهر الهبوط بوضوح شديد ومن زوايا عديدة، وذلك في أول تسجيل مصور لهبوط مركبة فضائية على كوكب آخر.
وواحدة من أكثر اللحظات إثارة في المقطع انطلاق المظلة ذات اللونين الأحمر والأبيض وانفتاحها في السماء مع اقتراب المركبة الفضائية من السطح بسرعة تفوق سرعة الصوت مرتين تقريبا.
المصدر: الحرة