بقلم: د. عيسى العميري – صحيفة “الاتحاد” الإماراتية
الشرق اليوم – في تقديرنا أن الملفات التي سيواجهها الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، في منطقة الشرق الأوسط، وهي ملفات معلَّقة من قبل، خاصة إيران واليمن وسوريا، لن تشهد تغييرات جذرية، وذلك بالنظر إلى أن بايدن نفسه كان نائبًا للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الأمر الذي يوحي بأنه سينتهج السياسة ذاتها التي اعتمدتها الإدارة «الديمقراطية» السابقة في تلك الملفات، ربما مع تغييرات طفيفة.
فعلى صعيد الملف الإيراني، اشترطت أمريكا على إيران أن تعود لما كانت عليه قبل انسحاب الولايات المتحدة في عهد ترامب من الاتفاق النووي، وأن تعود لمستويات التخصيب ذاتها التي تم الاتفاق عليها قبل أكثر من خمس سنوات.
وفي الوقت ذاته فإن إيران، وكما أشارت مؤخرًا، قد تستجيب لمطالبات المجتمع الدولي على صعيد الاتفاق النووي ما أن تقوم الولايات المتحدة برفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها ضدها.
وليس بعيدًا عن هذا الملف، نجد أن الملفين السوري واليمني على صلة قوية باللعبة السياسية بين الولايات المتحدة وإيران.. لذا فأي انفراجة في العلاقة بين الجانبين في ملف من هذه الملفات ستنسحب على البقية الأخرى.. وهكذا، فإن تحسنت ظروف السياسة في الملف النووي، فإنها تتحسن في كل من ملفي سوريا واليمن.
من ناحية أخرى، فإن النية لدى الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي جاءت على لسان وزير خارجيته، تتجه نحو محاولة الانتهاء من ملف الأزمة اليمنية والعمل على إغلاقه بشكل تدريجي. لكنه أمر سيكون مستحيلاً، بالنظر إلى تشعب هذا الملف وتداخله مع ملفات أخرى في المنطقة.
ولاشك في أن الولايات المتحدة ستراعي مصالح حلفائها الاستراتيجيين فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية. وهذا مع العلم بأن ملف اليمن يشكل أهمية خاصة بالنسبة للسياسة الأمريكية الجديدة.
وضمن السياق ذاته، نجد أن ملف الأزمة السورية معقد جدًا هو أيضًا وعصي على الحل، نظرًا لتداخل المصالح فيه بين العديد من الدول مثل روسيا وإيران وتركيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة نفسها، الأمر الذي يجعل حل الأزمة السورية شبه مستحيل.
وفي تقديرنا أن إحداث اختراق في الأزمات أو الملفات الثلاثة مطلوب بإلحاح، نظرًا لإصرار الإدارة الأمريكية الحالية على تحقيق هذا الهدف في سياستها القادمة حيال المنطقة.
وفي المقابل، نجد أن لعبة المفاوضات السياسية في هذه الملفات الساخنة جدًا سوف تكون شاقة على جميع الأطراف، ولابد من حدوث تسويات أو تنازلات على الأرض من قبل جميع الدول متشابكة المصالح في مثلث الأزمات هذا. إن إبقاء المنطقة تراوح مكانها، كما هو الحال منذ سنوات، أمر غير صحي، وقد يهدد بإشعال أزمات جديدة المنطقةُ في غنى عنها، لاسيما في ظل الظروف السياسية غير المواتية وتعقيدات المواقف الإقليمية ودخول أطراف جديدة محتملة على خط هذه الأزمات.. فهل نشهد انفراجة في تلك الملفات خلال عهد الإدارة الأمريكية الجديدة؟ هذا ما ستجيب عنه الأشهر والسنوات القادمة.