BY: James Hamblin
الشرق اليوم – قد يصبح صيف 2021 تاريخيًّا، فبعد شهور من ارتفاع معدلات الوفيات والإصابات، تشهد حالات الإصابة بفيروس “كوفيد – 19” في جميع أنحاء الولايات المتحدة انخفاضًا أكثر حدة مما توقع الخبراء، ومن المتوقع أن يستمر هذا الانخفاض، كما ستنخفض معدلات الوفاة بشكل أسرع أيضًا، بينما يتم تطعيم السكان المعرضين لمخاطر عالية، فحتى الأكاديميين الذين قضوا فترة الوباء في تقديم تحذيرات متشائمة قد حولوا نبرتهم إلى التفاؤل الحذر الآن لأن معدلات التطعيم قد باتت آخذة في الارتفاع.
وحتى وقت قريب جدًا، كان كبير أطباء الأمراض الوبائية في الولايات المتحدة، أنتوني فاوتشي، يستشهد بشهر أغسطس باعتباره الشهر الذي يمكن للولايات المتحدة خلاله تطعيم 70% – 80% من السكان والوصول إلى مناعة القطيع، ولكنه، الأسبوع الماضي، ذكر شهر مايو أو أوائل يونيو باعتباره الوقت الذي يمكن فيه لمعظم الأمريكيين الحصول على اللقاح، وعلى الرغم من بعض المخاوف بشأن التحورات الجديدة لفيروس كورونا، فإن – بحسب الأطباء- التحور الفيروسي لن يكون سببًا لعدم التمكن من حماية معظم الناس بشكل جيد خلال هذا الإطار الزمني.
وإذا كان كل هذا صحيحًا، فإنه يعني أن العديد من جوانب الحياة التي كانت موجودة قبل الجائحة ستعود حتى قبل حلول الصيف المقبل، ونظرًا لأن عدد الحالات قد بات هو الذي يوجه السياسات المحلية، فقد يكون لدى الكثير من الولايات قريبًا سبب لرفع العديد أو حتى معظم القيود المفروضة على التباعد والتجمع، ويمكن أن تعود قواعد ما قبل الوباء إلى المدارس والكنائس والمطاعم، كما يمكن استئناف الفعاليات الرياضية والمسرحية والثقافية، ويمكن للناس السفر والرقص في الصالات المغلقة، وعناق الأجداد، وبمعنى آخر فإنه يمكن أن يشعر السكان في معظم أنحاء الولايات المتحدة بأن الصيف المقبل طبيعي.
وصحيح أن هذا الوباء العالمي كان بمثابة مأساة مشتركة لكافة الدول، ولكن لا يوجد بلد آخر قد عانى من نفس عدد الوفيات والحالات الذي عانت منه الولايات المتحدة، ولكن مع كل الإخفاقات التي أدت إلى وصولنا لهذه النقطة، فإنه يبدو أن الولايات المتحدة قد باتت أخيرًا لديها بعض الآثار الوقائية للمناعة على مستوى السكان، حيث تشير تقديرات بحث حديث من جامعة كولومبيا إلى أن البلاد قد باتت بالفعل أقرب كثيرًا إلى الوصول إلى مناعة 70% – 80% من السكان، حيث إنه من المحتمل أن يكون العدد الفعلي للعدوى في الولايات المتحدة أعلى بخمس مرات مما تم الإعلان عنه، وهذا يعني أن حوالي واحد من كل ثلاثة أمريكيين قد أصيب بالفعل بالفيروس، وصحيح أن هذا الأمر لا يغير الهدف المتمثل في تطعيم أكبر عدد ممكن من الأشخاص، ولكنه يعني أنه أثناء توزيع اللقاحات، يجب أن تنخفض معدلات الانتقال بسرعة أكبر بكثير مما لو كان السكان جميعًا معرضين للإصابة بالفيروس.
وفي بعض أجزاء الولايات المتحدة التي تضررت بشدة من الفيروس، تعطي الأرقام إحساسًا بأنه إذا استمر التطعيم على قدم وساق، فإن الأسوأ سيكون وراءنا في تلك المناطق.
كما يجب أن يقلل الطقس الدافئ في الصيف من معدل انتقال العدوى، ففى كثير من أنحاء العالم، ثبت أن الصيف أكثر أمانًا من الشتاء، ويقول سعد عمر، المتخصص في اللقاحات ومدير معهد ييل للصحة العالمية، إن الأمر “على ما يبدو يرجع لحجم الوقت الذي يقضيه الناس في الهواء الطلق، ومدى احتمالية إبقاء النوافذ مفتوحة، ودور الهواء النقي فإنه يمكن للضوء والحرارة أن يقتلا الفيروس بشكل مباشر”.
ومع ذلك، فإن المكان الذي يتجه إليه هذا العالم بالضبط لا يزال غير مؤكد، فقد يكون الصيف الجميل الخالي من “كوفيد -19” بمثابة أمل، وربما حقيقة بالنسبة للكثيرين، لكن التوقعات المتفائلة بشأن الأشهر المقبلة في الولايات المتحدة قد تعني إغفال صورة عالمية أكثر إثارة للقلق، فعلى الرغم من تحسن الأمور في الولايات المتحدة فإنه يمكن أن يصل العالم لنفس الأنماط التي أوصلتنا إلى ما يقرب من نصف مليون حالة وفاة، ويقول عمر: “أشعر بالتفاؤل بشكل عام بالنسبة للولايات المتحدة هذا الصيف، ولكن لدي أيضًا كوابيس”.
وتحت أي ظرف من الظروف، فإن فيروس كورونا لن يختفي ببساطة هذا الصيف، فصحيح أن عدد الحالات قد ينخفض وقد يتم رفع القيود في العديد من الأماكن، لكن بدلًا من إنهاء الوباء بشكل مفاجئ، فإن الأشهر المقبلة ستكون أشبه ببداية ذيل ممتد ومتقلب لتفشي المرض على مستوى العالم، وكيف سيبدو ذلك وإلى متى سيستمر يعتمد على كيفية تعاون الدول وتنسيقها فيما بينها.
وإذا وضعنا الأخلاق جانبًا، فإن الخطر سيعم على الجميع، فوصول الفيروس لأماكن جديدة للانتشار سيسمح له بالبقاء معنا إلى أجل غير مسمى، وكلما طالت مدة بقائه، زاد الوقت اللازم للتحور، وهو ما سيكون خبرًا سيئًا للعالم بأسره، بمن في ذلك الأمريكيون.
وإذا كنا محظوظين، فإنه عامًا بعد عام سيتحور فيروس كورونا المستجد ليسبب مرضًا أكثر اعتدالًا مما كان عليه في العامين الماضيين، وهو ما حدث مع الفيروس الذي انتشر في عام 1918، والذي أصبح الآن الإنفلونزا الموسمية، فصحيح أن هذا الفيروس لا يخلف نفس المستوى من الوفيات الذي حدث خلال أول عامين، لكنه يستمر في التحور ويقتل مئات الآلاف من الناس كل عام، وقد توصل معظمنا إلى قبول هذا على أنه أمر لا مفر منه.
وبالنسبة لفيروس كورونا المستجد، فإن هذا المصير لم يُحدد بالكامل بعد، ولا يزال من الممكن تجنب ذلك إذا تمكنا من الاقتراب قدر الإمكان من مناعة القطيع العالمية، وليس من خلال مزيج من الدول المحصنة فقط، وهو ما سيتطلب جهدًا موحدًا من الحكومات وشركات الأدوية لتكثيف إنتاج اللقاح وتنسيق التوزيع.
ترجمة: المصري اليوم