الرئيسية / الرئيسية / العالم بعد بوتين!

العالم بعد بوتين!

By: Geoff Hawn – The Forign Policy

الشرق اليوم- من الممكن تماماً أيضاً أن يؤدي خروج بوتين من المشهد، إلى إطلاق منافسة شديدة داخل النخب الروسية

يعتبر الرئيس فلاديمير بوتين زعيماً لروسيا بشكل أو بآخر منذ عام 2000. ويُنظر إلى بوتين في الغرب، على أنه الحاكم الأكثر حزماً في تاريخ روسيا الحديث. فقد تمثل هدفه النهائي في إعادة استيعاب الأراضي التي فقدتها بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. وبوتين مدرك بأن حياته كإنسان لها خاتمة، ولذا فهو يقوم بترتيبات لضمان بقاء الاستقرار الذي جلبه لروسيا إلى ما بعد وفاته. وهناك بعض الحقيقة في هذه التصورات ولكن هناك أيضاً بعض التشويه.

 وقبل صعود بوتين خلال تسعينات القرن الماضي، كان يُنظر إلى روسيا على نطاق واسع على أنها دولة عصابات، حيث قامت مجموعة من الأوليجارشية المتنافسة التي طمست الخطوط الفاصلة بين الأعمال المشروعة والمشروع الإجرامي بسخرية من الدولة واستخدمت علاقاتها السياسية لنهب الاقتصاد. وبوتين لم يُنه الفساد كلياً، لكنه أكد سيادة الدولة ومصالحها على كل شيء آخر، بما في ذلك أهداف الأوليجارشية والقانون نفسه. ولقد سمح تقييد الفساد واستعادة الأعمال التجارية بطفرة اقتصادية غيرت حياة المواطنين الروس العاديين بعد اليأس في تسعينات القرن الماضي وأقامت أسساً لشعبية بوتين.

 إلى جانب ذلك، جاءت سلسلة من الإجراءات المحفوفة بالمخاطر ولكن المحسوبة بدقة والتي تهدف إلى تأمين ما تعتبره روسيا مصالحها الأمنية الأساسية، بما في ذلك الوصول إلى البحر الأسود والهيمنة في القوقاز.

 وبوتين ليس المسؤول الوحيد عن تشكيل السياسات الخارجية والداخلية لروسيا، أو الهياكل الحكومية التي تسنها. فهو يرأس مجموعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك قادة الأعمال، و(«الأمنيوقراط») من القوات المسلحة وأجهزة الأمن، وأقطاب المناطق. ويستفيد بوتين وشبكته بشكل مباشر من مناصبهم في السلطة، لكن الشبكة الأوسع من أصحاب المصلحة تريد أيضاً البقاء في السلطة والحفاظ على وصولها إلى موارد الدولة بغض النظر عما إذا كان بوتين في القيادة أم لا.
 وبالتالي، فإن القيادة الروسية، التي يستمر فيها بوتين في العمل كمُحَرِّك، وحاكم رئيسي، تتطلع إلى إقامة استقرار سياسي طويل الأمد من شأنه أن يمنع قادة المستقبل من الإخلال بالتوازن الذي خلقته. ومن منظور بوتين الوطني، فإن هذا من شأنه أن يجنب روسيا زعيماً ضعيفاً آخر مثل الرئيس السابق بوريس يلتسين الذي سمح للدولة بأن تضعف من الداخل.
 والآلية الرئيسية لتأمين هذه الاستمرارية هي المجموعة الأخيرة من التغييرات الدستورية التي تم سنها داخل روسيا، والتي خلقت تحولاً دقيقاً ولكنه مهم في الحكم.
إن تفعيل هذه التغييرات بشكل صحيح سيقود روسيا نحو شكل من أشكال القيادة يعتمد على إجماع بين أصحاب المصلحة الرئيسيين بدلاً من وجود سياسة توجيه فردية واحدة ونظام مبني على علاقات رجل واحد وكاريزما. وهذا يعني تمديداً غير منطقي لفترة بوتين في منصبه لتسهيل الانتقال والإصلاح نحو حقبة ما بعد بوتين.
 بالنظر إلى تاريخ روسيا وواقع ديناميكيات قوتها الداخلية، من الممكن تماماً أيضا أن يؤدي خروج بوتين من المشهد، سواء عن طريق التقاعد الحقيقي أو الموت، إلى إطلاق منافسة شديدة داخل النخب الروسية.
ونظراً لتعقيد هذا التحول السياسي، فإن الافتقار إلى فهم هياكل القيادة الروسية من قبل الإدارات الغربية يمثل تحديات كبيرة.
 ويحتاج الغرب إلى البدء في التفكير في الشكل الذي ستبدو عليه روسيا من دون بوتين، وتشريح النظام الجديد ومراقبة الفرص المتاحة لتنمية ودعم الأشخاص داخل هياكل السلطة هذه والتي يمكنها توجيه روسيا على مسار أكثر ملاءمة لمصالح الولايات المتحدة.
 ولتحقيق هذه الغاية، يجب أن تدرك الولايات المتحدة أن التحولات المستقبلية في كيفية حكم روسيا ومن يقودها ستبقى على بعد عقدين على الأكثر، حيث ينبغي التعامل ليس فقط مع موسكو اليوم، ولكن مع قادة المستقبل.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …