الشرق اليوم– قبل أيام كثرت التقارير الإعلامية حول حصول عملية إيرانية داخل الأراضي الباكستانية لتحرير جنديَين إيرانيَين، وكانت “وكالة الأناضول” أول من نقل هذا الخبر ثم تداولته وسائل الإعلام الباكستانية والهندية لاحقاً، فقيل إن إيران حررت جنديَين خلال عملية تقودها المخابرات داخل الأراضي الباكستانية.
اعتبرت أبرز المواقع الإخبارية في الهند ذلك التطور “ضربة جراحية” داخل باكستان، لكن لم تُغَطِّ وسائل إعلام إخبارية كثيرة هذا الحدث في باكستان.
تتعدد الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى عدم تصديق حصول تلك العملية العسكرية الإيرانية المزعومة، فطوال سنوات، كانت قنوات التواصل الناشطة بين الجيش والسلطات المدنية في البلدَين كفيلة بمنع هذا النوع من الأحداث.
على مر السنين، حذرت إيران من إطلاق عملية عسكرية في باكستان، لكن يبدو أن تلك التهديدات لها أسباب سياسية داخلية، كما أنها تكشف عن مخاوف طهران. غداة خطف جنديَين إيرانيَين في عام 2014، حذرت طهران من إقدامها على إرسال قوات عسكرية إلى باكستان لتحريرهما. في تلك الفترة، استدعت إيران أيضاً القائم بالأعمال الباكستاني لمطالبة إسلام أباد “بالتحرك بصرامة ضد قادة الجماعة الإرهابية وعناصرها الذين هربوا إلى باكستان”، وفي عام 2019، أعلنت إيران أن باكستان “ستدفع ثمناً باهظاً” لأنها تحمي من قتلوا 27 عنصراً من الحرس الثوري خلال تفجير انتحاري.
في باكستان استدعت تلك التهديدات رداً صارماً، فأكدت إسلام أباد عدم تقبّلها لهذه المواقف لأي سبب، وأدانت تلك التصريحات الإيرانية وأوضحت أن إيران لا تستطيع تنفيذ أي عمليات عسكرية في باكستان، وفي عام 2017، استدعت وزارة الخارجية الباكستانية السفير الإيراني بعدما هدد رئيس القوات المسلّحة الإيرانية بتنفيذ غارات داخل باكستان.
سرعان ما تكثفت الجهود لاحتواء الوضع الذي فرضه المقاتلون على المنطقة الحدودية بين باكستان وإيران كي لا تتأثر العلاقات الثنائية سلباً، ففي عام 2019، زار رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إيران في محاولة منه لإيجاد حل لمشكلة التطرف في المنطقة الحدودية، فقال الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد اجتماعه مع خان: “لقد اتفقنا على تكثيف التعاون الأمني بين البلدين وبين قواتنا الحدودية والاستخبارية. سينشئ الطرفان أيضاً قوة تفاعلية مشتركة وسريعة على حدود البلدَين لمحاربة الإرهاب”.
تعليقاً على الموضوع، قال خان من جهته: “نحن نثق بأن البلدين لن يشهدا أي نشاطات إرهابية انطلاقاً من أرضهما… لن نسمح بوقوع أي ضرر في بلدكم انطلاقاً من أرضنا”. ثم توجّه إلى روحاني قائلاً: “أهم سبب دفعني إلى المجيء، سيدي الرئيس، هو شعوري بأن مسألة الإرهاب ستزيد الخلافات بين بلدَينا”.
في يونيو 2020، نفذت باكستان عملية عسكرية مكثفة ضد الإرهابيين بالقرب من حدودها مع إيران، كذلك، تبني باكستان سياجاً على طول حدودها الممتدة على 900 كلم مع إيران لمحاولة السيطرة على توغل الإرهابيين عبر الحدود، وفي 2020 أيضاً، اتصل قائد الجيش الباكستاني، الجنرال قمر جاويد باجوا، بنظيره الإيراني محمد باقري لمناقشة مسألة السياج الحدودي والاعتداءات الأخيرة على قوات الأمن الباكستانية بالقرب من الحدود الإيرانية.
في غضون ذلك، يشتكي الطرفان من الاعتداءات العابرة للحدود، فغداة اعتداء في بلوشستان في أبريل 2020، ذكر وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، أن المقاتلين المسؤولين عن الاعتداء جاؤوا من إيران، وخلال الأشهر القليلة الماضية، زادت الاعتداءات ضد قوات الأمن الباكستانية بدرجة كبيرة في بلوشستان.
ورغم الوضع المقلق في المنطقة الحدودية، يسود شكل من المراوحة على ما يبدو، فقد حاول البلدان احتواء المشكلة تزامناً مع التعبير عن استياء كل طرف من الآخر، وفي ظل هذه الظروف، من المستبعد أن تطلق إيران عملية عسكرية أحادية الجانب داخل باكستان لأن هذه الخطوة كفيلة بزعزعة الوضع الهش، كذلك، من المنطقي أن تشارك طهران معلوماتها الاستخبارية مع باكستان، كما حصل في الماضي، وربما دفعت تلك الجهود الاستخبارية المشتركة بالجيش الباكستاني إلى تحرير الجنديَين الإيرانيَين.
نقلاً عن الجريدة الكويتية