BY: Adrien Jaulmes
الشرق اليوم – إن اختفاء الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تزامن مع حظر حسابه على “تويتر” في الثامن من كانون الثاني / يناير الماضي، بعد مرور 48 ساعة على اقتحام أنصاره مبنى الكونغرس، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص. بذلك، فقد ترامب النافذة التي أتاحت له السيطرة على الحياة السياسية الأمريكية لمدة أربع سنوات.
إن فترة ترامب تميّزت بالاستقالات المتتالية والتعيينات والقرارات المثيرة للجدل والتعليقات اللاذعة والسخرية من الآخرين، مما أدى إلى تعميق الفجوة بين الإدارة الأمريكية وخصومها بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ السياسي للبلاد.
وبعد تجميد حسابه على “تويتر”، التزم الرئيس السابق الصمت على غير عادته. وبعد خروجه من البيت الأبيض، أصبحت المعلومات عنه شحيحة للغاية.
إن إرث ترامب ما زال يخيم على الحزب الجمهوري رغم أنه لزم الصمت فجأة وانعزل مثل نجم سينمائي سابق في هوليوود. ومنذ نهاية فترة رئاسته، اندلع صراع محتدم للسيطرة على الحزب، فيما يلف الغموض نوايا ترامب المستقبلية.
وقد تمكن ترامب في الأسابيع الأخيرة من رئاسته، من جمع أكثر من 30 مليون دولار بهدف تمويل حملته لإلغاء نتائج الانتخابات. وبعد فشل مساعيه، قد تمنحه تلك الأموال فرصة الانتقام من خصومه، بمن فيهم أعضاء الحزب الجمهوري الذين قاوموا ضغوطه لتغيير نتائج الانتخابات في عدد من الولايات.
وقد مرر فرع الحزب بولاية أريزونا اقتراحًا بسحب الثقة من حاكم الولاية دوغ دوسي، وسيندي ماكين، أرملة السيناتور السابق جون ماكين، والسيناتور السابق جيف فليك، بسبب معارضتهم مخططات الرئيس المنتهية ولايته لإلغاء نتائج الانتخابات.
إن الرئيس السابق تعهد بدعم مرشحي الانتخابات التمهيدية ضد حاكم جورجيا برايان كيمب، وسكرتير الولاية براد رافينسبيرجر، اللذين لم يستجيبا لضغوطه أيضًا. كما أيد ترامب ترشيح المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز، لمنصب حاكم ولاية أركنساس.
ترامب يسعى أيضا للانتقام من النواب الجمهوريين العشرة الذين صوتوا لعزله إثر أحداث الكابيتول هيل. وكانت السيناتورة الجمهورية ليز تشيني، ممثلة ولاية وايومنغ، أول من استنكر “خيانة” رئيس الولايات المتحدة لمنصبه وقسمه، وشجبت تشجيعه على أعمال الشغب.
ونتيجة ذلك الموقف، سافر مات غيتز، ممثل فلوريدا وحليف ترامب القوي، إلى وايومنغ لتشجيع الجمهوريين هناك على الوقوف ضد تشيني. وتزامن ذلك مع مساعي النواب الديمقراطيين لحرمان مارجوري تايلور غرين، السيناتورة الجمهورية المنتخبة حديثًا والمؤيدة لترامب، من مناصبها في لجنتي التربية والموازنة في مجلس النواب.
كما أن القضيتان كشفتا عن التوترات الداخلية داخل الحزب الجمهوري، والتأثير الذي لا يزال الرئيس السابق يمارسه. وأصبحت السيدتان تمثلان الخلاف القائم بين تيار ترامب الراديكالي، والجناح التقليدي في الحزب.
فمن ناحية، أكدت الكتلة الجمهورية في الكونغرس دعمها لمارجوري تايلور غرين، في مؤشر واضح على الثقل السياسي لترامب داخل الكتلة. وفي الوقت ذاته، أعاد المشرعون الجمهوريون تعيين ليز تشيني في اقتراع سرّي بأغلبية 145 صوتا، وصدّوا بالتالي محاولات ترامب لمعاقبتها.
إن هذا التناقض يظهر حجم تأثير ترامب على الحزب إلى حد الآن، حيث أن الشعبية الهائلة التي لا يزال يتمتع بها في أوساط الناخبين وإمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، تجبر الكثيرين داخل الحزب على دعمه. وقد توجه الزعيم الجمهوري كيفن مكارثي، الذي ندد علنًا بمسؤولية ترامب عن أعمال الشغب الشهر الماضي، مؤخرا لزيارة ترامب بمقر إقامته الجديد في مارالاغو.
من جانب آخر، تبنى زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، موقفاً مناهضاً لترامب منذ بداية الأزمة، وتصدى إلى جانب نائب الرئيس مايك بنس لمحاولات ترامب لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية، وأكدوا فوز جو بايدن رسميا بالانتخابات.
وبعد انتهاء فترة ولايته، ترك ترامب أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أمام مأزق كبير. ففي حال تبرأته من الاتهامات المنسوبة إليه بشأن التحريض على الشغب، سيكون ذلك بمثابة التأييد لما حدث في الكابيتول. أما في حال إدانته، فإن ذلك يعني الوقوف إلى جانب الديمقراطيين ضد رئيس أيدوه لمدة أربع سنوات.
وفي ردهم على لائحة الاتهامات، طعن محامو ترامب في دستورية الحكم بالإقالة ضد رئيس ترك منصبه بالفعل. لذلك، يظهر جليا أن ترامب ما زال يشكل ضغطا على الحزب الجمهوري الذي مكنه من الوصول إلى منصب رئيس الولايات المتحدة في 2016.
ترجمة: عربي 21