By: James Dobbins
الشرق اليوم– من بين إنجازات الرئيس دونالد ترامب القليلة في السياسة الخارجية التوسط في افتتاح محادثات سلام وجهاً لوجه بين «طالبان» والحكومة الأفغانية، وهو الهدف الذي استعصى على إدارة أوباما. لكن ثمن هذا النجاح كان موافقة الولايات المتحدة على جدول زمني معجل لانسحاب عسكري كامل غير مرتبط بنتيجة هذه المحادثات.
وقد تم إبرام هذه الاتفاقية في 29 فبراير/شباط من العام الماضي. ووعدت الولايات المتحدة بسحب جميع قواتها من أفغانستان في غضون 14 شهراً، أي بحلول شهر مايو/أيار القادم، وفي ذلك الوقت، كان من المأمول أن يكون طرفا الصراع الأفغانيان قد توصلا إلى اتفاق سلام.
وكما هو متوقع، تقدمت هذه المفاوضات حتى الآن ببطء شديد. واستغرق التبادل الأولي للأسرى، الذي كان من المفترض أن يستغرق أسبوعاً، عدة أشهر. نتيجة لذلك، لم يجلس الجانبان للتفاوض معاً حتى سبتمبر/أيلول الماضي. ومضى معظم الوقت خلال عام 2020 في التفاوض على مبادئ التفاوض والإجراءات المتعلقة بعملية المحادثات. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تبادل الجانبان الأجندات المقترحة التي كانت محتوياتها متشابهة، لكن ترتيب الأفضلية لم يكن كذلك؛ حيث تريد الحكومة الأفغانية أن يكون وقف إطلاق النار هو البند الأول المتفق عليه، بينما تريد حركة «طالبان» أن يكون البند الأخير.
وبالنظر إلى الهوة التي تفصل بين الجانبين، فإن هذه الوتيرة ليست مستغربة. فالسلام في أفغانستان ليس مجرد مسألة توزيع المقاطعات والوزارات بين مختلف فصائل الحكومة و«طالبان». إنها عملية تتطلب مواءمة بين الحداثة والأصولية، بين الحكم القائم على سلطة الشعب و الحكم المستمد من التفويض الإلهي، والأهم من ذلك كله يتطلب وسائل متفق عليها لدمج جيشين متحاربين في مؤسسة أمنية وطنية موحدة. ويتطلب إغلاق ملفات مثل هذه القضايا الأساسية تنازلات موجعة من كلا الجانبين.
وكان الجدول الزمني المنصوص عليه في اتفاقية الولايات المتحدة و«طالبان» طموحاً أكثر مما ينبغي فضلاً عن كونه غير واقعي. لم يتفق الجانبان الأفغاني والأمريكي حتى الآن على أجندة مشتركة، لكن من المتوقع أن تسحب الولايات المتحدة قواتها بالكامل في غضون أربعة أشهر. والوجود العسكري الأمريكي هو المصدر الرئيسي لنفوذ واشنطن على هذه المفاوضات، والأمل الوحيد لتكليف حكومة مستقرة قادرة على حرمان «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» من الحصول على الملاذ الآمن على الأرض. ويمثل هذا النفوذ أيضاً الأمل الوحيد للشعب الأفغاني في سلام يحافظ على مكاسبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال العشرين عاماً الماضية.
ولا يزال المسؤولون الأمريكيون غير راضين عن وفاء «طالبان» بالتزاماتها فيما يخص قطع العلاقات مع «القاعدة» وخفض المستوى العام للعنف. ولم يتم الوفاء بأي من المواعيد النهائية الأخرى الواردة في الاتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان». وقد أوصت لجنة الكونجرس المكلفة بدراسة الوضع في أفغانستان، بتأجيل موعد الانسحاب العسكري النهائي منها.
وبات بحكم المؤكد أن طرفي النزاع الأفغانيان لا يقتربان من اتفاق بشأن أي مسألة جوهرية. وبالنظر لدنو أجل الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق في مايو، تتزايد إغراءات تأجيل معالجة العديد من القضايا العالقة بين الجانبين والانتقال بدلاً من ذلك إلى تقسيم الحقائب الوزارية لحكومة ائتلافية مؤقتة تضم ممثلين عن حركة «طالبان». و هذا يتطلب التخلي عن الدستور الحالي دون اتفاق على دستور آخر، وإلغاء نتائج الانتخابات دون إجراء انتخابات أخرى، والمشاركة مع «طالبان» في السيطرة على القوات المسلحة الوطنية الأفغانية مع ترك قوات «طالبان» طليقة. ستكون مثل هذه الحكومة المؤقتة عرضة للانهيار تحت وطأة خلافاتها العديدة التي لم يتم حلها.
عند هذه النقطة من المرجح أن توسع حركة «طالبان» من دائرة سيطرتها، لكن الفصائل الأخرى ستواجه صعوبة أكبر في إعادة تشكيل الحكومة الوطنية التي حلتها. يمكن أن تبدأ المكونات الرئيسية للجيش الوطني الأفغاني والشرطة وجهاز المخابرات في تحويل ولائها إلى أمراء الحرب الإقليميين والفصائل العرقية. كما يمكن أن يصبح الصراع متعدد الجوانب مع صعود حركة «طالبان».
وإذا وافقت إدارة بايدن على توصية لجنة الكونجرس بتأجيل انسحاب الولايات المتحدة في مايو، فقد يوفر ذلك للجانبين الأفغان والأمريكان، مزيداً من الوقت لمعالجة القضايا الأساسية التي يجب حلها إذا كان لأي تسوية أن تستمر. وتشمل هذه القضايا تعديلات على النظام الدستوري الحالي، وترتيبات لرصد وإنفاذ وقف دائم لإطلاق النار، وإجراءات لدمج الجيشين المتصارعين، وأحكام لإعادة دمج المقاتلين السابقين في الحياة المدنية. وهذا لن يستكمل بالسرعة المطلوبة، لكن نتائج تجارب عمليات السلام الأخرى تشير إلى أن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان نتيجة دائمة.