الشرق اليوم- في الأسبوع الماضي اتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن خطوتَين في الشرق الأوسط، فأبلغ الكونغرس نيّته شطب الحوثيين الذين يقاتلون في اليمن من لائحة المنظمات الإرهابية الخارجية، ثم أعلن أن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للحملة السعودية في اليمن وتعيد تقييم علاقتها مع المملكة العربية السعودية.
لا يحمل كل قرار منهما أهمية كبرى، لكنهما قد يعكسان تحولاً جذرياً في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط عند تحليلهما معاً، فهل سيؤثر هذا التحول على وقائع المنطقة فعلاً؟ عملياً، تعكس السياسات لائحة الأمنيات التي يحملها القادة لكنّ الواقع الجيوسياسي هو الذي يفرض نفسه دوماً.
رغم عدم أهمية القرار المرتبط بالحوثيين ومراجعة، يبدو أن إدارة بايدن تتجه إلى اعتماد سياسة جديدة أو أصبحت بصدد التخطيط لسياسة من هذا النوع، فهي تعهدت بإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، لكن تم التوقيع على ذلك الاتفاق حين كانت ظروف الشرق الأوسط مختلفة، ففي الشرق الأوسط اليوم، أصبح الحل للمشكلة الإيرانية إقليمياً: نشأ تحالف ضخم، من منطقة البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى الخليج العربي، وهو يشمل القوة النووية البارزة، إسرائيل، وقوى أخرى مستعدة لتحدي إيران سواء اكتسبت أسلحة نووية أو لم تفعل.
يصعب أن نعتبر أحدث خطوتَين اتخذتهما الإدارة الأميركية أكثر من مجرّد مبادرات بسيطة، لكن يبرز احتمال آخر طبعاً: ربما يظن بايدن أنه يستطيع إقناع إيران بإقامة علاقة حميدة نسبياً مع العرب السُّنة، فقد تهتم إيران بهذا الاقتراح إذا عاد الأميركيون إلى الاتفاق النووي بالشكل الذي تم الاتفاق عليه في الأصل، لكنّ هذه الخطوة ستثير ذعر بقية دول المنطقة، وتعود الذكريات في هذه المنطقة إلى قرونٍ مضت، ولا ترتكز التحالفات فيها على العاطفة بل على الحسابات الباردة، وتنطبق هذه المواصفات على التحالف الراهن ضد إيران.
تواجه إيران مأزقاً واضحاً اليوم وتقيم بقية دول المنطقة تحالفاً غير مسبوق ضدها، واستناداً إلى تجربة ليبيا، يعرف الكثيرون في الإدارة الأميركية أن الوضع قد يزداد سوءاً في المرحلة المقبلة، حيث يتعلق أهم درس تعلّمته الولايات المتحدة بتجنب التورط العسكري الواسع في الشرق الأوسط، ومن الأفضل أن تترك إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبقية الدول المعنية تتعامل مع المشاكل لأنها مضطرة لذلك، والأهم الامتناع عن زعزعة الاستقرار.
يتعلق الخطر الفعلي برغبة كل إدارة جديدة في ترك بصمتها، لكن تتذكر هذه الإدارة أحداث ليبيا والتزامها بملف حقوق الإنسان هناك لحسن الحظ. قد تبدو السياسة المنتقاة مثالية لكنّ نتيجتها ستبقى بعيدة كل البعد عن الهدف الأصلي.
باختصار، لا يمكن وضع الخطوتَين الأخيرتَين في خانة التحركات الفعلية ويصعب تحديد نتائجهما المرتقبة.
نقلاً عن الجريدة الكويتية