بقلم: جيورجي جوتيف
الشرق اليوم- تتعرض المفوضية الأوروبية لضغوط هائلة من أجل التأكد من أن الشركات التي تنتج لقاحات كوفيد-19، والتي دفعت لها 2.7 مليار يورو مقدماً ووقعت معها عقوداً، قد كفت عملياً عن تصدير لقاحاتها خارج دول الاتحاد، ما يضر بمصالح الأوروبيين.
فهناك أدلة كافية على أن الشركات المنتجة للقاحات تحرص على بيعها للدول المستعدة لدفع المزيد وتطالب بضمانات أقل فيما يتعلق بالآثار الجانبية المحتملة للقاح.
وتحرص الدول الأعضاء، خاصة فرنسا وألمانيا ذات الوزن الثقيل في تشكيلة الاتحاد، على أن لا تتوقف حملات التطعيم الوطنية بسبب نقص اللقاحات، في حين أن المملكة المتحدة، التي غادرت الاتحاد الأوروبي رسمياً قبل شهر، لا تعاني نقصاً. وهذا غير مقبول من وجهة النظر الفرنسية والألمانية على الأقل، لأن بعض اللقاحات يتم إنتاجها في أراضي الاتحاد الأوروبي.
لكن المفوضية صممت خطة لتسهيل تراخيص التصدير يبدو أن بريطانيا كانت جزءاً من الأهداف التي صممت من أجلها.
فقد أعلن الاتحاد الأوروبي مساء الجمعة 29 يناير/كانون الثاني، أنه سوف يفعّل بنداً في اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (المادة 16) يفرض ضوابط تصدير على لقاحاته التي تدخل إيرلندا الشمالية، في محاولة لمنعها من التحول إلى منفذ خلفي لإرسال اللقاحات إلى المملكة المتحدة.
ولم تتأخر الإدانة من لندن وبلفاست، وكذلك من إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، واضطرت المفوضية إلى إزالة المادة 16 من خطتها الخاصة بالرقابة على الصادرات.
ويقول روبرت أولدز، مدير مؤسسة «بروغ»، للأبحاث التي تشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي، في مقال نشرته صحيفة «إكسبرس»: «أتوقع أن ينهار الاتحاد الأوروبي بنفس الطريقة التي انهار بها الاتحاد السوفييتي».
لكن السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي محقة في الضغط من أجل احترام العقود الموقعة وبذل أقصى الجهود من أجل تحقيق مصالح المواطنين الأوروبيين. ومن غير الوارد أن تستقيل رئيسة المفوضية، فلديها مهمات وظيفية حساسة لا بد من القيام بها.
ولا تبدي وسائل الإعلام في دول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا، اهتماماً بالدعوات لاستقالة فون دير لاين، كما أنها لم تأت على ذكر المادة 16. وفي نهاية المطاف يبقى عدد المهتمين بما تنشره صحف في دولة صارت خارج الاتحاد الأوروبي، قليلاً في الدول الأعضاء.
وقد تنشر صحف روسية أخباراً سلبية حيال الاتحاد الأوروبي، لكن من الواضح، أن الصحف الشعبية في المملكة المتحدة صارت أكثر عدائية وأقل جودة مهنياً. ومع ذلك لا يمكن تجاهلها خاصة أنها تمتاز بسعة انتشارها في كل أنحاء العالم.
وربما يجد الاتحاد الأوروبي نفسه مضطراً لضم بريطانيا إلى خدمة رصد الأخبار الكاذبة القادمة من روسيا، فبعد خروجها من الاتحاد صارت طرفاً ثالثاً على أي حال.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن شركة «أسترازينيكا» سوف تزيد من إمداد اللقاحات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 30٪، حيث تسعى الكتلة لتعويض الوقت الضائع في توفير اللقاحات.
وقال المفوض فيرجينيوس سينكيفيوس في مقابلة حول تداعيات الجائحة: «لا يمكن العودة إلى العمل كالمعتاد بعد الوباء ولا ينبغي أن يجبرنا أي قدر من الضغط الاقتصادي على التنازل عن صحة الناس».
وفي ظل هذه التجاذبات التي قد تتحول إلى مشاكل معقدة نظراً لحساسية قضايا الصحة المتعلقة بالوباء، ينبغي على المفوضية التحرك سريعاً لوضع الأمور في نصابها والتعامل بشفافية كافية تضمن إزالة أي لبس وطمأنة الدول الأعضاء خاصة الصغيرة منها.
نقلاً عن الخليج الإماراتية