By: Ormas Byte – Your Active Network
الشرق اليوم– عندما سارعت حكومات الدول في الربيع الماضي لإغلاق الحدود في وجه حركة السفر دون التنسيق مع جيرانها، ناهيك عن التنسيق بين دول الاتحاد الأوروبي، كان الأمر مفهوماً إلى حد ما.
في ذلك الوقت كان الوضع جديداً ومخيفاً. ولكن الآن بعد أن استمر هذا الوضع لمدة عام كامل، لم يتغير الكثير نحو الأفضل، ولا تزال الدول الأوروبية تتخذ القرارات بشكل منفصل في ضوء مصالحها الخاصة حصراً. وتسري القرارات غير المنسقة بسرعة كبيرة، وتسبب الارتباك وتؤثر في تحركات العديد من الأشخاص، ما يقتل أعظم إنجاز حققته أوروبا في تاريخها وهو مبدأ حرية تنقل الناس.
وهذا غير مقبول بأي حال من الأحوال. كان هناك حديث عن تنسيق القرارات الوطنية وعن الدور التنسيقي للمفوضية الأوروبية. لكن في الواقع، لا يوجد شيء من هذا القبيل. والنتيجة هي أن أوروبا اليوم تشبه لحافا صنع من رقع مختلفة الألوان والأشكال.
فهناك دول منعت مواطني دول الاتحاد الأوروبي الأخرى من الدخول. على سبيل المثال، لا تسمح فنلندا، الجارة الشمالية لإستونيا، حتى للأشخاص الذين لديهم اختبار كوفيد-19سلبي بدخول البلاد.
وتختلف شروط الدخول فيما يسمى بمنطقة حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي بشكل كبير من بلد إلى آخر.
فعلى صعيد اختبارات الوباء وصلاحيتها لعبور الحدود يكون الاختبار مطلوباً في بعض الحالات، ويجب ألا يتجاوز عمره 72 ساعة، لدى بعض البلدان، وفي بلدان أخرى، يجب ألا يتجاوز الاختبار 48 ساعة، وفي بعض الحالات حتى 24 ساعة.
وهناك دول تفرض الحجر الصحي لمدة سبعة أيام وبعضها عشرة. ويجب إجراء اختبار آخر في غضون أيام قليلة. ولا يمكن دخول بعض البلدان إلا لفئات محدودة، وهناك دول لا تسمح سوى بدخول مواطنيها فقط. ولم تشهد أوروبا مثل هذه الفوضى في القواعد منذ عقود.
ويتم تحديد قيود السفر في بعض الأحيان على أساس متوسط معدلات الإصابة على المستوى الوطني خلال الأسبوعين الماضيين. ومع ذلك، في كثير من الحالات، تكون الاختلافات الإقليمية داخل بلد واحد أكبر بعدة مرات مما هي عليه وفقاً لهذه المعدلات بين البلدان.
ففي إستونيا، انتشر الوباء في جميع أنحاء البلاد الآن، ولكن قبل أسابيع قليلة فقط، كان المعدل في منطقة تالين أعلى بكثير من العديد من المناطق الأخرى في إستونيا. وهناك وضع مشابه في فنلندا، حيث معدل الإصابة في هلسنكي والمناطق المجاورة أعلى بعدة مرات مما هو عليه في مدينة لابلاند. لكن ما يتم استخدامه لتبرير قيود الدخول هو المعدل الوطني، وهو عامل مضلل فيما يتعلق بالصورة الكلية الموضوعية.
وهناك شعور عام بالتشاؤم من أن تتمكن المفوضية الأوروبية أو مجلس الاتحاد الأوروبي من تنسيق قواعد التنقل داخل أوروبا بعد الآن. ومرد القلق إلى انعدام الثقة بين الجيران، وكذلك على نطاق أوسع بين الدول الأوروبية، الذي قد لا يختفي عندما يتراجع الفيروس وسوف يترك انعدام الثقة بصماته لفترة طويلة قادمة.
من الواضح أنه فيما يخص قيود السفر في أوروبا، لم يتم تعلم أي شيء من تجربة ربيع 2020 المتعلقة بتقسيمات اتفاقية «شينجن» حول حرية الحركة. ورغم مرور عام كامل، لم تنجح المفوضية الأوروبية في وضع أي آلية للأسس التي تكفل احترام الدول لجيرانها والبلدان الأخرى من خلال فرض قواعد مشتركة بطريقة منسقة.
لا يزال هناك أمل في زيادة وتيرة التطعيم وانحسار الفيروس، ونتيجة لذلك يمكن العودة إلى أوقات ما قبل الجائحة، على الرغم من أن الضرر الذي نتج عن قيود السفر وانعدام الثقة في أوروبا، لا يمكن إزالته في غضون أيام أو أسابيع قليلة.
ولا يزال الحد الأدنى الذي نتوقعه من مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية هو الحيلولة دون تعرض منطقة حرية الحركة ضمن الاتحاد الأوروبي من الانهيار التام. ففي نهاية المطاف لا توجد خلافات كثيرة بين دول الاتحاد لدرجة أنها تستطيع تبرير الفوضى الحالية واستمرار المفاجآت بين عشية وضحاها حول القواعد والمتطلبات الجديدة.
ولم تكن منطقة حرية الحركة التي نظمتها اتفاقية شينجن متاحة أصلاً لو أن هذه الروح من انعدام الثقة وعدم المبالاة كانت سائدة يوم توقيعها.