بقلم: صالح القلاب – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم- كنّا قد أبتلينا في تاريخنا البعيد بما سمّي: “طاعون عمواس”، وعمواس هذه هي قريةٌ تقع إلى الغرب من مدينة القدس في إتجاه مدينة يافا التاريخية، وحسب كتب التاريخ فإنّ “عمواس” هذه قد إنطلق منها “فايروس” لعينٌ كإنطلاق فايروس كورونا، منْ مكانٍ في “ووهان” الصينية، كما يقول الخبراء، وأباد سكانَ هذه المنطقة التي كانت عاصمتها الأمويّة دمشق الشام وفي طليعتهم كبار القادة الأمويّين الذين سهّل ذلك الطاعون على العباسيّين أنْ يقيموا دولتهم العباسيّة التي كانت إحدى أهم الإمبراطوريات التي كانت عرفتها تلك المرحلة التاريخية التي غدت منسيةً وبعيدة.
لا أحد يعرف، وعلى وجه اليقين، منْ أين جاء هذا الشيطان غير المرئي الذي ما لبث بعد إنطلاقته غير المؤكّدة منْ ووهان الصينية أنْ اجتاح الكرة الأرضية كلها وحصدَ أرواح ملايين البشر وأرواح كبار القادة الذين ما كان سهلاً على أيٍّ كان إختطاف أرواحهم، والذين من بينهم بعض القادة الأردنيين وبعض القادة العرب الذين ما كان سهلاً على مُسْتهدفيهم إختطاف أرواحهم، ومن بينهم بالنسبة للأردن، رجلٌ طليعيٌ بقي يحتلُّ موقعاً متقدماً في المسيرة الأردنية العسكرية والسياسية والحزبية وأيضاً والقبلية والعشائرية.
في صبيحة يوم الأربعاء، وهذا اليوم في أعرافنا القبلية والعشائرية في الأردن، المملكة الأردنية الهاشمية، يعتبر يوم شؤمٍ ولا أعرف لماذا، لكنني تأكّدت منْ هذا عندما جاء في النبأ الموجع للقلب بأنّ “الباشا” عبد الهادي المجالي (أبو سهل)، رحمه الله، قد تغلّب عليه “فايروس” كورونا اللعين الذي بات يسيطر على الكرة الأرضية كلها، والذي لم يعرفْ له حتى الآن شكلٌ ولا لونٌ ولا رائحةٌ مثلهُ مثلَ طاعون “عمواس” الذي كان تغلّب على خيرة القادة العرب المسلمين وخيرة رجال بني أمية الذين كانوا قد حموا هذه البلاد المقدسة من الغزاة والطامعين وتركوا لنا إرثاً سيبقى يتباهى أحفادنا به إلى يوم القيامة.
إنني من الذين يؤمنون بأنّ الأعمار والأقدار بيد الله جلّ شأنه، لكنني عندما وصلني نبأ “رحيل” هذا الرجل الذي بقي يُشكّل رقماً فاعلاً ورئيسياًّ في المعادلة السياسية والعشائرية الأردنية وفي كل المواقع التي شغلها وهي كثيرة جداًّ، حزبيةً ودبلوماسيةً وعسكريةً وقبليةً وعشائريةً وهنا فإنني أجزم بأنّ كل أردني، وصله هذا النبأ الموجع للقلوب من “مؤتة” في مدينة الكرك التي أعطت للأردن خيرة القادة وأفضل الرجال.. وعليّ هنا أنْ أشير إلى أنّ الشهيد الأردني الكبير هزاع المجالي كان في مقدمة هؤلاء الرجال.
لا يوجد أردني لا يعرف ولا يعترف بأن “مؤتة” التي أعطت الأردن الشهيد الكبير هزاع المجالي وأعطته أيضاً عبد الهادي المجالي هي “مؤتة” التي كانت بداية الفتوحات الإسلامية والعربية وإنّ من جاءهم هذا النبأ الموجع للقلوب، قلوب الأردنيين كلهم وقلوب العرب الذين عرفوا “أبو سهل” عن قرب وهم كثر، لا بدّ وأنهم قد شعروا بوجع قلوبهم وأنّ هذا القائد الكبير فعلاً قد إفتقده شعبه وإفتقدته أمته وأنه كان من الممكن أنْ يكون إستشهاده في القدس وفي معركة الكرامة ومثله مثل كل رموز العرب الذين إغتالهم هذا الشيطان الأخرس.. الذي بات يجتاح الكرة الأرضية كلها مع أنه بلا لونٍ ولا رائحة.. وأنّ سلاحه سرياًّ ولم يرهُ حتى الذين يقولون أنّ بدايته كانت الصين!!.