By: Inda Curran & Michel Jamrisko
الشرق اليوم- يبدو أن انتعاش الاقتصاد العالمي يواجه خطراً بأن يثبط أو يخرج عن مساره بسبب التأخر في التطعيم ضد فيروس كورونا في الدول الفقيرة مقارنة بنظيراتها الأكثر ثراءً.
يُظهر تطبيق بلومبيرج لتتبع التحصين ضد فيروس كورونا أنه كان يتم إعطاء 4.54 مليون جرعة ضد الفيروس في المتوسط في جميع أنحاء العالم كل يوم على مدار الأسبوع الماضي، بيد أن هذا المعدل بعيد عن نشر التحصين. تشكل الولايات المتحدة وبريطانيا حوالي 40% من 119.8 مليون جرعة يتم تناولها على مستوى العالم.
وبشكل عام، فإن الأداء أقل بكثير في الأسواق النامية والناشئة. في أفريقيا، تم تسجيل مصر والمغرب وسيشيل وغينيا فقط في قائمة الدول التي تعطي أي لقاحات على الإطلاق. وهناك مناطق كثيرة في آسيا الوسطى وأميركا الوسطى لم تبدأ بعد في التطعيم، أو أنها تتحرك ببطء.
وهذا يعني أن الاقتصادات الناشئة تخاطر بالتخلف أكثر من الناحية الاقتصادية مما يحد القدرة على تحقيق الانتعاش حتى في البلدان الملقحة بالكامل من خلال حرمانها من الطلب على سلعها وتوريد قطع غيار التصنيع. والأسوأ من ذلك، أن عدم محاربة «كوفيد – 19» في كل مكان قد يعني أن طفرات الفيروس التي يصعب احتواؤها تولد أزمات صحية واقتصادية جديدة.
قال «تشوا هاك بين»، كبير الاقتصاديين في إدارة الأبحاث في بنك «مايبنك كيم إينج» في سنغافورة: «مع تحور الفيروس، لا يوجد بلد آمن حتى يتم تلقيح العالم بأسره وتحقيق مناعة القطيع».
وخلصت دراسة حديثة بتكليف من غرفة التجارة الدولية إلى أن التوزيع غير المتكافئ للتطعيم ضد الفيروس يمكن أن يحرم الاقتصاد العالمي مما يصل إلى 9.2 تريليون دولار.
وقدَّر بحث مماثل أجرته شركة «راند»، أن التكلفة السنوية قد تصل إلى 1.2 تريليون دولار. وقالت كبيرة الاقتصاديين بالشركة «كارمن راينهارت»، إن النمو العالمي هذا العام قد يكون أقل من نصف تقدير البنك الدولي البالغ 4% إذا لم يتحرك توزيع اللقاح بسرعة.
تضع مثل هذه الحسابات الدول الغنية تحت ضغط متزايد لتقاسم المخزون من اللقاحات الخاصة بها، على الرغم من أن جماهيرها قد لا تدعم مثل هذا الكرم. ومع ذلك، تشير الدلائل إلى اكتناز اللقاح مستمر.
وبالفعل، هناك خلافات بين الدول الأوروبية حول إمكانية الحصول على اللقاحات، تماماً كما كان الحال قبل عام بسبب الحصول على معدات الحماية الشخصية. ويعاني برنامج يهدف إلى تمكين الوصول إلى اللقاحات من نقص التمويل من قبل أكبر الاقتصادات.
وقد تشهد بعض الاقتصادات النامية في جميع أنحاء العالم انفراجة قريباً من خلال مبادرة «كوفاكس» التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي سترسل 97.2 مليون جرعة لقاح إلى الهند في الشريحة الأولى من التوزيع، حتى وإن كان العرض الحالي في البلاد يفوق الطلب. ومن المقرر أن تحصل باكستان على 17.2 مليون جرعة من البرنامج، بينما تحصل نيجيريا على 16 مليون جرعة.
ووفقاً لتقديرات شركة «راند»، فإن ما يسمى بتأميم اللقاح قد يكلف البلدان ذات الدخل المرتفع 119 مليار دولار سنوياً مقابل 25 مليار دولار هي تكلفة تزويد البلدان منخفضة الدخل باللقاحات. ووفقاً لتقرير صدر في ديسمبر، ستواجه الولايات المتحدة وألمانيا أكبر ضربة جراء عدم وجود لقاح عالمي.
في غضون ذلك، أشارت الدراسة التي أعدتها غرفة التجارة الدولية إلى أن الاقتصادات المتقدمة ستتحمل 49% من التكلفة الاقتصادية لوباء عالمي باقٍ حتى لو قامت بتطعيم مواطنيها بالكامل.
ويرى ما يقرب من نصف المستجيبين في دراسة استقصائية أجرتها شركة «أكسفورد إيكونوميكس» أن حركة أعمالهم ستظل دون مستويات ما قبل الجائحة طوال عام 2021. وأشار أكثر من أربعة من كل خمسة مشاركين إلى موجات الوباء المتكررة باعتبارها خطراً كبيراً أو كبيراً جداً على المدى المتوسط.
ستكون الاقتصادات الناشئة والنامية سريعة التأثر بالدول الغنية التي تخزن جرعاتها؛ لأن أنظمتها الصحية الهشة تعاني تحت وطأة العدوى المتزايدة، وتفتقر إلى الموارد اللازمة للحصول على اللقاحات وتوزيعها بنفس سرعة أقرانها الأكثر ثراء. علاوة على ذلك، فإن الاستثمار الأجنبي يتدفق إلى المواقع أكثر أماناً.
خذ إندونيسيا على سبيل المثال. إنها رابع أكبر اقتصاد في العالم ويبلغ عدد سكانها 274 مليون نسمة. ومع ذلك تسارعت حالات الإصابة والوفيات بفيروس «كوفيد – 19» بوتيرة قياسية. وقد تلقى ما يقرب من نصف مليون شخص الجرعة الأولى من اللقاح بحلول نهاية شهر يناير، وهو ما يقل عن هدف الحكومة البالغ 598.400 شخص في ذلك الشهر. وتعد الأمة حالياً واحدة من أقل الدول تحصيناً للسكان بين 66 دولة، بمعدل 0.30 جرعة لكل 100 شخص اعتباراً من 5 فبراير، وفقاً لتطبيق «بلومبيرج» لتتبع التحصين.
وأوضح معهد بيترسون للاقتصاد الدولي المعضلة التي يطرحها ما يسمى بتأميم اللقاح في تقرير نُشر هذا الأسبوع بعنوان: «الوباء ليس تحت السيطرة في أي مكان ما لم يتم السيطرة عليه في كل مكان».
قالت «مونيكا دي بول»، الزميلة البارزة في المعهد، «إذا كانت الصحة العامة خارجة عن نطاق السيطرة في مكان ما، فهذه ليست مجرد مشكلة اقتصادية محلية، إنها مشكلة اقتصادية عالمية».
نقلاً عن الاتحاد الإماراتية