الشرق اليوم- لم يتخيل أحد أن سجادة من الورود ستتبع فوضى مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد الاتفاقية الموقعة في اللحظات الأخيرة، في 24 ديسمبر 2020، بين لندن ودول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين. لكن التوترات التي ظهرت في الأسابيع الأولى من فترة ما بعد الطلاق تعكس تدهوراً مقلقاً في العلاقات نتج عن الاختيار البريطاني.
احتج البريطانيون أولاً بإنكار الوضع الدبلوماسي لسفير الاتحاد الأوروبي في لندن بحجة أنه لا يمثل دولة، بل “منظمة دولية”. وكان ذلك مجرد انطباع أوَّلي. واستجابة لإعلان مختبر “أسترازينيكا” خفض عدد الجرعات الموعودة للاتحاد الأوروبي بمقدار الربع بحلول مارس /آذار، قررت المفوضية الأوروبية، الجمعة، 29 يناير، مراقبة عملية التصدير.
وتضمنت هذه الخطوة إعادة فرض الرقابة على الحدود بين جمهورية أيرلندا (عضو في الاتحاد) وأيرلندا الشمالية (أحد مكونات المملكة المتحدة). ومن خلال القيام بذلك، كسر الاتحاد الأوروبي مبدأ حرية التنقل بين أيرلندا، ضمن الحفاظ على السلام الهش في الجزيرة، وهو مبدأ تفاوض باسمه السبع والعشرون دولة بنجاح لأكثر من أربع سنوات. وفي مواجهة الاحتجاجات في لندن ودبلن، تراجعت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بسرعة.
مثل هذه المجازفة تشكك في أداء واتساق ومسؤوليات السلطة التنفيذية الأوروبية. وأن خطأها الفادح يخاطر بترك آثاره، لأنه ومن أجل إعادة ترسيم الحدود الداخلية لأيرلندا، كان على المفوضية أن تطلق إجراءات الطوارئ المنصوص عليها في اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي تسمح للاتحاد الأوروبي، كما هو الحال في لندن، بتعليق البنود التي تحكم الحدود الأيرلندية.
بعد ثلاثة أيام من الخطوة الأوروبية الخاطئة، كان لا بد من تأجيل الفحوص الصحية بموجب الاتفاقية بين أيرلندا الشمالية وبريطانيا العظمى، بعد التهديدات باستخدام العنف ضد مسؤولي الجمارك. ومن خلال التصرف بتهور، أيقظت المفوضية الأوروبية شياطين الصراع الأيرلندي كما أنها وحدت المناضلين ضدها: النقابيون الذين يشجبون الضوابط مع الدولة الأم الإنجليزية، والقوميون الأيرلنديون، لأن إزالة الحدود الداخلية، وفتح اتفاقية السلام لعام 1998، سيكونان مهددين.
لقد أعطى المسؤول التنفيذي في الاتحاد الأوروبي فرصة كبيرة ليهزم ويقدم حججاً لرئيس الوزراء البريطاني جونسون، الذي سعى قبل التوقيع على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى نسيان التزامه بفرض قيود على البحر الأيرلندي.
وفي محاولة لدفع ميزته، طلب تمديد “المهلة القانونية” من إبريل 2021 إلى… 2023، التي تسمح بإجراء ضوابط مخففة، وتهدد بدورها ببدء إطلاق عملية الطوارئ. وبينما يصر السبع والعشرون على الثمن الذي يجب دفعه لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يستخدم جونسون هذا الأمر لتأكيد ريادة بلاده في اللقاح.
والحقيقة أنه من الضروري تجنب التصعيد بين لندن ودول السبع والعشرين، ليس فقط للحفاظ على السلام في أيرلندا، ولكن أيضا لتجنب تكاثر الخلافات الضارة بين الطرفين.
وتوضح المواجهة بسبب اللقاح هذا الأمر. فقد أصبحت المملكة المتحدة الآن منافسا مباشرا للاتحاد الأوروبي. وهذه نتيجة منطقية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الوضع الجديد، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يدافع عن مصالحه دون ضعف، دون أن ينسى أن الجغرافيا والتاريخ يحكمان على البريطانيين والأوروبيين من أجل التعاون.
ترجمة: صحيفة الخليج