بقلم: جوشوا ووكر – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – يسيطر هاجس المواجهة متعددة الأشكال على تفكير زعامات عدد من دول العالم خاصة تلك التي تجد نفسها على خطوط المواجهة الأكثر سخونة، سواء في الميدان السياسي والعسكري أو في مجال التصدي لتبعات “كوفيد – 19” الصحية والاقتصادية.
وفي هذا التوقيت تتلمس كل من الولايات المتحدة واليابان المصالح المشتركة و التحديات التي قد تكون متشابهة إلى حد كبير. وفي ظل القيادة الأمريكية الجديدة، ينبغي أن يؤدي التفاهم المتبادل والعودة إلى الحياة السياسية الطبيعية في الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات بين البلدين وهو أمر لم يكن ملحاً في أي وقت كما هو اليوم.
ولم يواجه أي رئيس أمريكي منذ فرانكلين روزفلت أول 100 يوم عصيبة في المنصب كالتي تواجه بايدن الذي يضع سمعته على المحك على الرغم من وجوده في دوائر صنع القرار لأكثر من خمسين عاماً. وينصب تركيزه على الطبقة العاملة الأمريكية والاقتصاد، فضلاً عن إصلاح صورة أمريكا في الخارج ومحاولة إصلاح خطاب “أمريكا أولاً” الذي دفع العديد من الحلفاء، خاصة في أوروبا، إلى النأي بأنفسهم.
والعودة إلى السياسات الطبيعية ليست سوى جزء من الحل، لكن يمكن معالجة الأمور الأخرى بطريقة أكثر منهجية، على المستوى الحكومي والمستوى التكنوقراطي. فانقسام المجتمع الأمريكي حقيقة ماثلة أمام الجميع وقيادة العالم تتطلب توحيد أمريكا أولاً.
وسيكون نهج الرئيس بايدن شمولياً ومدروساً تدعمه أجهزة الدولة كلها. وهذا يمنح حلفاء واشنطن، لاسيما دولًا مثل اليابان، شعوراً بالراحة، لكنه أيضاً يجعل الخصوم، مثل روسيا أو الصين، متوترين لأنهم لا يستطيعون التلاعب بالرئيس بسهولة على المستوى الشخصي.
وفي آسيا، سيكون تركيز الإدارة الجديدة منصباً على مجالات التعاون المحتملة، مثل علاقات التجارة الحرة والمفتوحة؛ وتعزيز التحالفات في مواجهة أكبر تحد للسياسة الخارجية وهو الصراع مع الصين الذي يلوح في الأفق. وستحدد العلاقة بين الولايات المتحدة والصين آفاق نجاح سياسة واشنطن خلال العقد الحالي.
في هذا الصدد، ستلعب اليابان دوراً حاسماً كدولة على خط المواجهة. هذا هو المكان الذي يجب أن تعمل فيه إدارة بايدن عن كثب مع الحلفاء اليابانيين لخفض التوترات، مع بناء قدرات ردع واضحة للمستقبل.
وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة واليابان نشاطاً ملحوظاً في عهد دونالد ترامب وكانت نقطة مضيئة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ويرجع ذلك أساساً إلى علاقته الشخصية مع رئيس الوزراء السابق شينزو آبي. ومع تغيير الإدارة في طوكيو وكذلك واشنطن، أصبح بايدن أكثر ملاءمة لإدارة سوجا؛ حيث يعتبر كلا الزعيمين الجديدين من المخضرمين الذين يتمتعون بوزن جيد في دوائر صنع القرار ويحظى بدعم تكنوقراطي قوي.
وتوحي ميول الرئيس بايدن واختياره فريق عمله في التعامل مع آسيا بأنه سيتم التركيز على المجالات ذات الاهتمام المشترك دون الخوض في الماضي. سيكون من المهم بالنسبة لإدارته أن تقاوم فكرة النأي بنفسها عن عمل الإدارة السابقة مع اليابان، سواء فيما يتعلق باستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ أو اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية. وقد يكون من الضروري البناء على هذه الإنجازات وتعزيز الإنجازات التي تحققت في العلاقات بين البلدين.
بالنسبة لإدارة سوجا، من المهم أن تفهم شخصية الرئيس بايدن وإدارته، وأن تدرك أن مصير البلدين مرتبط وربما يكون واحداً.
ولا شك أن الانتعاش الاقتصادي الياباني المنتظر هذا العام بفضل دورة الألعاب الأولمبية، يصب في صالح شركائها أيضاً. وهنا نريد نبذ التشاؤم الذي فرضه انتشار الوباء والتفاؤل بصيف حافل بالنشاط يرسل إشارة قوية لواشنطن بأنه يمكنها مع طوكيو تجاوز القضايا الصعبة التقليدية للعلاقات الأمريكية اليابانية. ولا بد أن يكون تركيز حكومة سوجا على الابتكار في تطوير الاقتصاد الياباني نقطة مهمة في تجديد روح التعاون بين البلدين لأن فيها مصلحة أمريكية أيضاً.
يجب أن تعود الولايات المتحدة واليابان إلى حيث يمكن لاقتصادين هما، الأول والثالث من حيث الحجم على مستوى العالم، العمل جنباً إلى جنب لتبادل الاستثمارات ومساعدة اقتصادات مثل الصين على التوافق مع النظام العالمي الذي تطور منذ الحرب العالمية الثانية تفادياً للكثير من النزاعات التي قد تنجم عن السياسات المحلية والنزعات الوطنية التي تتسبب بزيادة الانقسامات.