الرئيسية / مقالات رأي / الأمن السيبراني بين الهند واليابان

الأمن السيبراني بين الهند واليابان

بقلم: براكاش بانيرسيلفام – صحيفة “الخليج” 

الشرق اليوم – فرضت تقنية اتصالات الجيل الخامس، “جي 5″، نفسها على دول العالم المعاصر كعامل استراتيجي رئيسي في التعاون بين الدول حيث تدور الكثير من جولات التفاوض اليوم حول المصدر الآمن للحصول على تلك التقنية في ظل تكرار الهجمات حتى على المؤسسات الحكومية وشبكاتها.

ولعل الجانب الأكثر حساسية على هذا الصعيد، هو أن أفضل شركتين تزوّدان تقنيات الجيل الخامس في العالم صينيتان، هما “هاواوي”، و”زد تي إن”. وهذا منبع قلق الكثير من دول الغرب على وجه الخصوص، الحريصة على ألا تكون عرضة لاختراق أمنها السيبراني. أما الهند واليابان فلا تزال كل منهما في طور مراجعة القرار لتحديد ما إذا كانت التقنية الصينية خياراً آمناً.

ويعمل البلدان على تعزيز العمل المشترك في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأمن السيبراني، وتأمين تقنية اتصال “جي 5″، فضلاً عن أمن البنية التحتية للمعلومات. وفي أحدث تطور في هذا الاتجاه، توصل البلدان إلى اتفاقية ووقعا مذكرة تفاهم في 15 يناير / كانون الثاني الماضي. وفي أعقاب التوترات المتزايدة مع الصين، ينظر إلى تعاون الهند واليابان على أنه تحرك سياسي يهدف لمواجهة تأثير الصين المتزايد في الاتصالات السلكية واللاسلكية، والبنية التحتية الرقمية.

ففي الهند، يخشى خبراء الدفاع من أن السماح لتقنية “جي 5” الصينية من شأنه أن يضر بشكل خطير بهيكل القيادة والاتصالات في الجيش الهندي، نظراً لأن الأمن القومي والاقتصاد يعتمدان على بنية تحتية مشتركة وقابلة للتشغيل البيني، ولأن العديد من أنظمة اتصالات الأمن القومي أرقى من أنظمة البنية التحتية التجارية، ويخشى خبراء الأمن السيبراني من أن معدات “جي 5” المستوردة من الصين سوف تهدد بشكل خطير، ليس البنية التحتية الرقمية الهندية فقط، ولكن أيضاً تعاونها الدفاعي مع الدول الأجنبية الصديقة.

وعلى سبيل المثال، توفر اتفاقية التبادل والتعاون الأساسية بين الهند والولايات المتحدة، معلومات في الوقت الفعلي عن الاستخبارات الجغرافية المكانية والوصول إلى البيانات الطبوغرافية وبيانات الطيران، ما سيعزز بشكل كبير دقة قدرات الضربة الهندية المحتملة ضد عدو مفترض مثل باكستان، أو الصين. وتعتمد الاتصالات العسكرية بشكل حاسم على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ ومع وجود احتمال ولو بسيط، بأن تتعرض شبكات الاتصالات الهندية لاختراق من قبل طرف ثالث، فإن ذلك سيعزز المخاوف من أن التكنولوجيا والبيانات العسكرية السرية لكل من الولايات المتحدة، والهند، ليست آمنة.

وتبنت اليابان برنامجاً لدعم شركات التقنية اليابانية على تطوير تقنية اتصال بديلة والاستثمار في البنية التحتية للجيل الخامس. ومع ذلك، فإن القلق الياباني من الهجمات الإلكترونية الصينية يشكل تحدياً عسكرياً خطيراً. وقد أشار الكتاب الأبيض في مجال الدفاع لعام 2020 إلى أن الجيشين الصيني والروسي يعززان القدرة الإلكترونية الهجومية ضد القدرات العسكرية والبنية التحتية المدنية لخصومهما. وفي يناير / كانون الثاني من العام الماضي، أفادت شركة “ميتسوبيشي إلكترونيكس” بأن هجوماً إلكترونياً تعرضت له منشآتها أدى إلى تسريب بيانات حول المعدات الدفاعية التي حددتها الحكومة اليابانية للشركات المشاركة في مناقصة تلك المعدات.

وفي عام 2018، ضم الدليل الإرشادي الياباني لبرنامج الدفاع الوطني لعام 2019 وما بعده، الفضاء الإلكتروني كمجال جديد للعمليات الحربية، إلى جانب الفضاء والطيف الكهرومغناطيسي، وهذا دليل على تغيير النموذج الحالي للأمن القومي الياباني. ويستعد الدليل التوجيهي لتعزيز الترابط بين قوات الدفاع الذاتي البرية والبحرية والجوية، لتحسين العمليات عبر المجالات الثلاث. كما تسعى اليابان أيضاً إلى توسيع التعاون في المجال السيبراني مع الدول الصديقة، بما في ذلك الهند.

ويأخذ الحوار السيبراني بين الهند واليابان مساراً تصاعدياً بعد اتفاق البلدين على تعزيز التعاون نحو أمن البنية التحتية الرقمية الحيوية، وتبادل المعلومات حول حوادث الهجمات الإلكترونية الأخيرة ومواجهتها، وصياغة استراتيجيات التخفيف من مخاطر سلاسل التوريد. وسوف تعزز الاتفاقية الأخيرة التعاون القوي في بناء الاتصالات السلكية واللاسلكية الهندية والبنية التحتية الرقمية في مختلف المجالات، بما في ذلك تقنية “جي 5″، وبناء أمن الاتصالات، ونظام كيبل الألياف الضوئية البحرية لربط الجزر الهندية، وإدارة الطيف.

وقد مدّدت شركة “إن إي سي” اليابانية كابلات الألياف الضوئية البحرية التي تربط جزر تشناي وجزر أندامان ونيكوبار. وتخطط الحكومة الهندية لربط جزيرة لاكشادويب بالبر الرئيسي باستخدام كابل الألياف الضوئية البحري. وقد تكون الشركة الخيار المفضل للحكومة الهندية لتنفيذ هذا المشروع. وستشجع الاتفاقية المستثمرين اليابانيين على الاستثمار في قطاع الاتصالات الهندي والمشاركة في تطوير التكنولوجيا المستقبلية مثل تقنية “جي 6” التي تخطط اليابان لتطبيقها في عام 2030 ومن ثم يمكن نقلها إلى الهند.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …