الشرق اليوم- يستحق تمديد الولايات المتحدة وروسيا العمل بمعاهدة “ستارت 3” المتعلقة بالأسلحة الاستراتيجية الهجومية النووية خمس سنوات إضافية، الإشادة والترحيب لما لهذه الخطوة من آثار إيجابية على الأمن والسلام الدوليين، وهي تساعد على نزع فتيل التوترات بين القوى الكبرى المهيمنة، كما تمهد لإضفاء طابع متعدد الأطراف على المعاهدة في المستقبل.
التوافق الجديد بين واشنطن وموسكو يفتح جسور التواصل بين القوتين العظميين، ويعيد العلاقات العسكرية بينهما إلى التهدئة المألوفة قبل عهد إدارة دونالد ترامب السابقة. تمديد المعاهدة، مع إدارة جو بايدن الجديدة، لا يعني زوال الخطر نهائياً، لكنه يمنح الخبراء والاستراتيجيين من الجانبين فسحة للتأمل والعمل من أجل التوصل إلى صيغ دائمة للحد من أسلحة الدمار الشامل، النووية والكيماوية والبيولوجية. وربما تكون معاناة الإنسانية من وباء “كورونا” الغامض دافعاً لطمأنة المجتمع الدولي على وقف سباقات التسلح وإنتاج أدوات الفتك المختلفة، والاستعاضة عنها بتوجيه كل الجهود إلى العمل على إسعاد البشرية وصناعة الرفاه ومجابهة منغصات الحياة من أوبئة وأمراض وكل مظاهر الفقر والجوع. وإذا استطاعت البشرية أن تستثمر جانباً من الموازنات المرصودة للحروب، فإن العالم سيتغير حتماً إلى الأفضل. وما يؤسف له أن ذلك الهدف مازال من المستحيلات في غياب ميثاق إنساني يلزم كل الأطراف بالعمل على نشر السلام ورفض الحروب سبيلاً لحل النزاعات.
معاهدة “ستارت 3” التي وقعها قبل أكثر من عشر سنوات الرئيسان الأمريكي والروسي السابقان باراك أوباما وديمتري ميدفيديف ليست الأولى بين البلدين، فقد سبقتها “ستارت1″ و”ستارت 2” الموقعتان في تسعينات القرن الماضي، وكلتاهما لم تحققا إلا القليل من الأهداف، ومع ذلك سيبقى العمل بالاتفاقية أفضل من تجاهلها.
سيكون إنهاء سباقات التسلح والحد من إنتاج أسلحة الدمار الشامل هدفاً سامياً يهم كل الإنسانية ومستقبلها، وليس بالحسابات الجيوسياسية للدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا أو الصين التي تدخل المنافسة بقوة في شتى المجالات. وقد تكون إعادة العمل بمعاهدة “ستارت 3” بداية لجهد دولي لمواجهة التهديدات النووية وكل الأسلحة الخطرة كالصواريخ البالستية والألغام والأسلحة الفتاكة من الطرز المختلفة. ولضمان النجاح والنجاعة لا يجب أن يقتصر الالتزام على موسكو وواشنطن، بل يجب أن يتم التأسيس لمعاهدات أشمل تضم كل القوى المتمردة على مبادئ الأمن الدولي.
صحيح أن العلاقات الدولية في هذه الفترة تشهد نوعاً من التهدئة حيال كثير من الملفات والقضايا، لكن يجب السعي إلى تصحيح هذه العلاقات ببناء معاهدات دائمة تحد من انتشار سلاح الدمار الشامل، وتدفع باتجاه تعاون دولي إنساني يرسخ الأمن والسلام في كل مكان.
المصدر: صحيفة الخليج