الرئيسية / مقالات رأي / كيف تبني مستقبلاً جديراً بالثقة؟

كيف تبني مستقبلاً جديراً بالثقة؟

BY: Gareth Shepherd – The World Economic Forum

الشرق اليوم- ظهرت التقنيات الجديدة في معظم مراحل الماضي القريب، وكان ظهورها أمراً عظيماً بلا شك، وتزايد زخم التكنولوجيا مثل كرة الثلج المنحدرة. واليوم وصلت الكرة الثلجية حداً بدأت ترسم فيه ملامح حقبة جديدة، وهي الثورة الصناعية الرابعة.

  وأثارت الوتيرة السريعة لهذا العصر الجديد، مع تقنياته المطالبة بتغيير الحياة، مجموعة من الأسئلة الأخلاقية حول الجينات، والروبوتات، والخوارزميات، وماذا يعني أن تكون إنساناً.

  ثم جاءت جائحة «كوفيد-19»، الأزمة الصحية العالمية التي كان لها تأثير في حياتنا كلها، وفي البعض أكثر من البعض الآخر. ولم تكشف الأزمة عن خيبة الأمل والاستياء على نطاق واسع فحسب، بل كشفت أيضاً عن انعدام الثقة بالعديد من الأنظمة التي أثبتت عدم كفاءتها في التعامل مع حالة الطوارئ.

  وتحول مناصرو الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي كان يُنظر إليها على أنها حصون للتماسك والتفاهم بين الثقافات، إلى شياطين ومحتكرين مدفوعين بإدمان الإنترنت، والتنمر الإلكتروني، وتقويض الديمقراطية نفسها.

  وفي الوقت نفسه، لن نُغفل امتيازات التقدم التقني، إذ سلط الوباء الضوء على المدى الذي وصلت إليه البشرية بعد حقبة التقنيات الجديدة. وتؤكد الإحصاءات أن الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا تمثل حالياً أقل من 0.04% من سكان العالم، مقارنة بمعدل 1% إلى 6% للوفيات العالمية لما يسمى بالإنفلونزا الإسبانية عام 1918، (أي ما يعادل نحو 17-50 مليون شخص من سكان العالم آنذاك)، وما يقدر بنحو 30% إلى 40% لوفيات الطاعون في القرن الثالث عشر الميلادي (نحو 50-200 مليون شخص من عدد السكان).

   وتعرضت أنظمة الرعاية الصحية الحديثة لضغوط هائلة، لكنها كانت بوجه عام على مستوى التحدي، في حين حمت أنظمة الإنترنت والتجارة الإلكترونية والاعتماد السريع لأدوات العمل من المنزل الاقتصادات من انهيار كامل. والأهم من ذلك، أن أقسام البحث والتطوير الخاصة بشركات التكنولوجيا الحيوية وشركات الأدوية الكبرى صنّعت لقاحات متطورة في زمن قياسي.

  ونظراً لوجود نسب كبيرة من سكان العالم داخل منازلهم، حدث التحول الرقمي ورافقه تغيرات جذرية لعدة سنوات في ظرف أشهر فقط، وكلها تقريباً نحو الأفضل. حتى إن بعض النقاد أشاروا إلى هذه المرحلة بحقبة «ما قبل كورونا» (ق.ك) وحقبة «ما بعد كورونا» (ب.ك).

  لذلك، منحت صدمة عام 2020 البشرية فرصة للتفكير وإعادة التوجيه لضمان أننا نسير في الاتجاه الصحيح. وفي الواقع، لدينا فرصة نادرة لصياغة المستقبل، ولإعادة تصور مواردنا التكنولوجية وإغلاق الفجوات الاجتماعية والرقمية.

فجر ثورة

  قال كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي ومؤلف كتاب «الثورة الصناعية الرابعة»: «لقد سرَّع كوفيد-19» انتقالنا إلى التكنولوجيا. وعلينا أن نتأكد من أن تبقى التقنيات الجديدة في العالم الرقمي والبيولوجي والمادي محور الإنسان وأن تخدم المجتمع ككل، ما يوفر للجميع إمكانية الوصول العادل».

   وأوضح شواب في كتابه أن التكنولوجيا والرقمنة ستحدث ثورة في كل شيء، وأن الابتكارات الكبرى ستغذي التغيير الكبير في جميع أنحاء العالم. وتجسد ذلك من خلال التقدم الحاصل في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والهندسة الوراثية، والحوسبة الكمومية، واندماج العديد من التقنيات الأخرى.

إلى ذلك، يقدر مركز المنتدى الاقتصادي العالمي للثورة الصناعية الرابعة، أن إجمالي استخدام الإنترنت قد ارتفع بنسبة 70% مع إغلاق المجتمعات أثناء الوباء. واجتاحت سرعة التحول غير المسبوقة حتى أكثر الصناعات مقاومة من الناحية التكنولوجية في جميع القطاعات وعلى مستوى كل البلدان.

ويدعي البعض أن الضحية المبكرة ل«كوفيد-19» كانت «العمل»، بينما يشير آخرون إلى دخول العالم في «الوضع الطبيعي الجديد». مع كوفيد أو من دونه، ومع ذلك ستستمر الهزات الارتدادية لزلزال كورونا لسنوات.

     إن الطريقة التي تتعامل بها الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرون في أعقاب ذلك ستلعب دوراً مهماً في إعادة تهيئة المجتمع والاقتصاد وبيئة الأعمال. ومن خلال العمل معاً، يتمتع القطاعان العام والخاص بفرصة رعاية تطوير تقنيات جديدة مع التخفيف من مخاطر الاستخدامات غير الأخلاقية، أو الضارة.

  وفي عالم ما بعد الجائحة، يمكن أن يساعد الوعي المتزايد بالصحة والرفاهية في الدخول في عصر ذهبي تشتد الحاجة إليه للرعاية الصحية الشخصية. وسيؤدي الجمع بين الذكاء الاصطناعي والبيانات من التكنولوجيا وتطبيقات الأجهزة المحمولة المتصلة بإنترنت الأشياء إلى إنتاج رؤى جديدة مكملة بتجارب واقعية ومعلومات جزيئية دقيقة. إضافة إلى ذلك، فإن تقنيات التكنولوجيا الحيوية الجديدة التي تستخدم منصات «RNA»، و«DNA» تجعل من الممكن تطوير لقاحات أسرع من أي وقت مضى، والتي بدورها قد تساعد في تطوير علاجات الهندسة الحيوية الجديدة. 

  مع تدابير التباعد الاجتماعي التي تقود حتمية الابتكار، وعندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة، أظهرت الأبحاث الحديثة التي أجرتها شركة «أكسنتشر» للاستشارات، أن الذكاء الاصطناعي سيضاعف معدلات النمو الاقتصادي السنوي بحلول عام 2035، أي ما يعادل 14 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية.

  إضافة إلى ذلك، أدى الاستثمار المزدهر في البنية التحتية التقنية في النصف الثاني من عام 2020 إلى تسريع نشر شبكة الجيل الخامس، وهي أول شبكة للهاتف المحمول ذات نطاق غير محدود تقريباً. ويقدر محللو الصناعة من «آي إتش إس ماركيت» أن القيمة العالمية ل«5 جي» وحدها ستخلق 13.2 تريليون دولار في القيمة الاقتصادية العالمية بحلول عام 2035، وتدعم 22.3 مليون وظيفة.

نقلاً عن الخليج الإماراتية

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …