بقلم: محمد واني – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم- رغم الصراع الطويل والمرير الذي شهده اقليم كردستان بين حزبي السلطة الديمقراطي والوطني الكردستانيين ما أدى إلى انهاكه واستنزاف قدراته المادية وانعكس على ادائه السياسي ومكانته في بغداد، فانه شهد تطورا عمرانيا ومجتمعيا هائلا وحقق انفتاحا اقتصاديا ملحوظا وخاصة بعد صدور قانون الاستثمار عام 2006 على يد رئيس الوزراء السابق “نيجيرفان بارزاني” والذي أعطى حق التملك للمستثمرين في الإقليم مع إعفاءات ضريبية لرؤوس اموالهم المستثمرة كحوافز تشجيعية، الأمر الذي دفع بالعديد من الشركات الاستثمارية الأجنبية والعربية الكبرى الى التوجه نحو إقليم كردستان وإقامة مشاريع متنوعة فيه. وكما نجحت حكومة “نيجيرفان” عبر مؤسساتها السياحية المتطورة في تهيئة الأجواء المناسبة لاستيعاب العدد الهائل من السياح من خلال توفير المرافق السياحية وفق المواصفات الدولية مثل فنادق الخمس نجوم والمنشئات الترفيهية، ومنتجعات الاصطياف، والقرى السياحية، فانها وفرت الفرص الجيدة
ايضا للمستثمرين لاقامة مشاريعهم التجارية عبر تقديم تسهيلات واعطاء ضمانات لهم..
هذه التطورات الخدمية والسياحية الحثيثة توجت باختيار”اربيل”عاصمة سياحية للعرب لعام 2014 في مؤتمر لوزراء السياحة العرب الذي عقد في القاهرة عام 2012. انعكست هذه الاجواء الصحية على مختلف المشاهد في اقليم كردستان العراق، خصوصا المشهد السياسي، حيث شهد الاقليم حراكا سياسيا ملحوظا على الصعيدين الداخلي والخارجي منذ تأسيس الدولة العراقية الجديدة، واصبح مركزا استراتيجيا للانشطة السياسية العراقية، واستطاع من خلال تبنيه سياسة متوازنة ومرنة مرتكزة على الحوار و التهدئة، بعيدا عن لغة التصعيد و التهديد السائدة في المنطقة، ان يلفت انظار العالم اليه، فتدافعت دول كبرى ذات نفوذ سياسي كبير كفرنسا والمانيا وتركيا واستراليا واسبانيا وهولندا و مصر على فتح “قناصلها” ومكاتبها الدبلوماسية في العاصمة اربيل.. وكان للنهج السياسي السلمي المعاصر الذي وضع بنيانه نيجيرفان بارزاني في الاقليم اثر كبير في ابراز دوره واكسابه احتراما متزايدا من قبل المجتمع الدولي وبخاصة القوى الاقليمية التي اضطرت الى التعامل معه كأمر واقع ومد الجسور معه..
واما على الصعيد الانساني فقد آوت حكومة نيجيرفان بارزاني مئات الالاف من النازحين السنة واللاجئين السوريين رغم قلة الموارد المالية بسبب سياسة التجويع الجائرة التي فرضها رئيس الوزراء الاسبق “نوري المالكي” على الشعب الكردي..
اقول رغم وطأة الضغوط الخارجية والازمات السياسية الداخلية فان الاقليم استطاع ان يبني كيانا نشطا قابلا للحياة بحصة صغيرة لم تتعدى 17% من ميزانية العراق الذي اغرق في وحل الفساد والتخلف والفقر والبطالة والقتل على الهوية وعجز ان يصل الى ما وصل اليه اقليم كردستان بميزانيته الضخمة التي بلغت 83%! الامر الذي دعا منظمة الشفافية الدولية الى وصف مدينة بغداد العاصمة بانها اوحش واقذر واسوء واخطر مدينة على حياة الانسان في العالم!