الرئيسية / مقالات رأي / تصحيح مسار خاطئ

تصحيح مسار خاطئ

الشرق اليوم- من بين الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تعامله مع القضية الفلسطينية، بل هي واحدة من أكبر ضحاياه، حيث تعمد تصفيتها وإهدار حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، بعد أن تخلى عن كل السياسات الأمريكية السابقة بتقديمه هدايا فورية لإسرائيل، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة الأمريكية إليها، واعتبار مرتفعات الجولان السورية المحتلة جزءاً من إسرائيل، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، ومحاولة إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كشاهد تاريخي دولي على المأساة الفلسطينية، والانسحاب من منظمة “اليونيسكو” لأنها اعتبرت ضم مدينة القدس عملاً ضد الشرعية الدولية.

 الآن يبدو أن إدارة الرئيس جو بايدن، تدرك حجم الأضرار التي ألحقها ترامب بالعلاقات الأمريكية مع مختلف دول العالم، جراء سياساته العشوائية، وبدأت عملية مراجعة لهذه السياسات من أجل تصحيحها، ومن بينها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

 إن إعلان القائم بأعمال المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة ريتشارد ميلز أمام مجلس الأمن يوم أمس الأول، أن سياسة بايدن ستعمل على دعم حل الدولتين، وإعادة الدعم للفلسطينيين، واتخاذ خطوات لإعادة فتح البعثات الدبلوماسية التي أغلقها ترامب، تمثل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو إحياء جهود السلام التي قضى عليها ترامب، كما تمثل توجهاً صادقاً في التصدي لكل الممارسات التي تشكل انتهاكاً للشرعية الدولية وقراراتها، مثل الاستيطان وضم الأراضي، خصوصاً أن الرئيس بايدن كان قد أعلن في خطاب له، موجه إلى اليهود من الديمقراطيين، خلال حملته الانتخابية “أنا لا أؤيد الضم”، في إشارة إلى عزم إسرائيل على ضم أراض في الضفة الغربية المحتلة، وقال “سوف أقوم بعكس ما فعله ترامب لتقويض عملية السلام”.

 يذكر أن إدارة الرئيس باراك أوباما كانت قد أيدت، لأول مرة، قراراً في مجلس الأمن يدين إسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول 2016، عندما تبنى القرار 2334 الذي يطالب إسرائيل بوقف أنشطتها الاستيطانية في الأراضي المحتلة، لكن الأخيرة رفضت القرار كعادتها.

 تلتقي سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية والسعي إلى حلها سلمياً، بشروط تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ووفق آليات قرارات الشرعية الدولية المتمثلة بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، مع وجهة النظر الروسية التي عبّر عنها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مجلس الأمن أيضاً، حيث طرح مبادرة لعقد مؤتمر دولي على مستوى وزاري في الربيع أو الصيف، بمشاركة اللجنة الرباعية والمملكة العربية السعودية صاحبة المبادرة العربية للتسوية على أساس الأرض مقابل السلام، وذلك من منطلق العمل الجدي من أجل التسوية، والحؤول دون التسويف الإسرائيلي طوال سنوات المفاوضات على مدى نحو ربع قرن، للتهرب من استحقاق السلام العادل.

 إذا التقت النوايا الحسنة بعيداً عن المواقف المسبقة، التي تتماهى مع روح العدالة والحق، ومع الشرعية الدولية، يمكن عندها التوصل إلى سلام كان يبدو مستحيلاً.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …