بقلم: سابين عويس – النهار العربي
الشرق اليوم- لا شك في أن ما أعلن عن فحوى الاتصال الذي جرى بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الأحد الماضي، وتناول في جزء منه الوضع في لبنان، أكد أن باريس لا تزال تعير الملف اللبناني اهتماماً، وتسعى الى إدراجه ضمن الملفات الشائكة في المنطقة التي يجدر بالإدارة الأمريكية الجديدة أن توليها شيئاً من الاهتمام، نظراً الى الارتباط الوثيق لهذا الملف بتطور العلاقة بين واشنطن وطهران في المرحلة المقبلة، وإعادة إحياء التفاوض في شأن النووي الإيراني.
ففي أول تواصل رسمي بين الرئيسين الأمريكي والفرنسي، والذي تناول وفق بيان الرئاسة الفرنسية، موضوع المناخ وجائحة كورونا، فضلاً عن الملف النووي والوضع في لبنان، أدرجت باريس الوضع اللبناني ضمن الملفات الشائكة التي تحتاج الى المعالجة، وذلك بعدما كانت قد فشلت على مدى الأشهر الماضية، وتحديداً منذ إطلاقها مبادرتها، في الوصول الى التزام الأفرقاء اللبنانيين تنفيذ تعهداتهم أمام الرئيس الفرنسي تشكيل “حكومة مهمة” من الاختصاصيين وتطبيق خريطة الطريق الرامية الى إرساء مجموعة من الإصلاحات الملحة.
لكن مصادر سياسية لبنانية تقلل من أهمية هذا الخرق، ولا تعوّل كثيراً على قدرة باريس، أو حتى اهتمامها بإحياء مبادرتها، خصوصاً أن المعلومات الواردة منها تتقاطع عند تراجع الاهتمام الفرنسي بسبب الخيبات التي تلقتها العاصمة من الأداء اللبناني واستمرار وجود القرار التعطيلي الخارجي لولادة الحكومة.
وعليه، تستبعد هذه المصادر أن يعكس الاتصال أي تغيير، لا سيما أن أولويات الإدارة الأمريكية بعيدة كل البعد عن الملف اللبناني الذي سيستمر التوجه فيه على حاله، أقله في المرحلة الحاضرة، لجهة تأكيد المسؤولين في الإدارة الجديدة أن لا تراجع في الضغط أو العقوبات على “حزب الله” أو على كل من سيظهر تورطه في ملفات فساد. وكانت معلومات قد ترددت أخيراً عن أن رزمة العقوبات الجديدة التي كان يفترض أن تصدر عن إدارة ترامب قبل مغادرته وتأخرت، قد تصدر في الفترة القريبة المقبلة، لتؤكد أن التوجه الأمريكي لم يتغير تجاه لبنان ما دامت السياسة اللبنانية بدورها لم تتغير. وكان واضحاً هذا التوجه في جولة السفيرة الأمريكية دوروثي شيا على عدد من المسؤولين اللبنانيين غداة تسلم بايدن منصبه، حيث جددت تأكيد أهمية الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة وتمكينها من وضع برنامج إصلاحي يفتح أمام لبنان الدعم الدولي. كما جددت تأكيد أهمية استمرار المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود.
وفيما جددت أيضاً تأكيد الدعم الأمريكي للبنان، لا سيما للمؤسسات العسكرية والأمنية، وهو الموقف الثابت للإدارة الأمريكية الداعم للجيش اللبناني، استبعدت المصادر السياسية أن يكون هناك أي تكليف أمريكي لباريس لتحريك الملف الحكومي اللبناني، مشيرة الى أن تحريك الملف اللبناني لن يكون بمعزل عن الملف الإقليمي عامة.