بقلم: أحمد صبري – الوطن العُمانية
الشرق اليوم- وضع الرئيس الأميركي جو بايدن لمواجهة وباء كورونا “كوفيد 19″ خطة ستكون من أولويات عهده الجديد، كما وصفها بأنها بمثابة إعلان حرب على هذا الوباء الذي حصد أرواح نحو 400 ألف من الأميركيين.
وفي معرض شرح رؤيته لمواجهة هذا الوباء قال بايدن إن كورونا تسببت بخسائر بشرية كبيرة في أميركا جراء إخفاق إدارة ترامب السابقة في التصدي له مبكرا، متعهدا بتوزيع 100 مليون جرعة لقاح خلال 100 من رئاسته، واصفا استخدام الكمامة لمواجهة كورونا هو بمثابة العمل الوطني ضد الجائحة.
ولم يكتفِ الرئيس الأميركي بدعوة الأميركيين الالتزام بالمعايير الصحية لمواجهة كورونا، وإنما ذكرهم أن حصاد هذا الوباء تجاوز خسائر بلادهم بالأرواح خلال الحرب العالمية الثانية.
وطبقا لما يشهده العالم وأميركا بالتحديد في معدلات ارتفاع حصيلة الوباء فإن الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدولة في أعداد الوفيات والإصابة بالوباء، ما يضع على كاهل الإدارة الأميركية الجديدة أحمالا إضافية تضاف إلى تركة ترامب السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي تحتاج هي الأخرى إلى جهد إضافي، لا سيما وأن الانتخابات الرئاسية شهدت انقساما واضحا في المشهد الأميركي الجديد.
وعلى الرغم من أن بايدن حاول في خطاب تنصيبه التأكيد على الوحدة والمصالحة وطي صفحة الماضي، وأنه سيكون رئيسا لكل الأميركيين، إلا أن المشهد يحتاج لجهد إضافي لمعالجة ما جرى في مبنى الكونجرس وما تلاه من مواقف حذرت من تداعياته على وحدة البلاد ومستقبلها كقوة عالمية ووازنة في عملية الصراع والتأثير في العالم.
إن المتابع لمسار الخطوات الأولى للرئيس الأميركي جو بايدن في عهده الجديد يستطيع القول إنها متوازنة وتنزع للمصالحة والتهدئة والتطلع لتجاوز تداعيات نتائج الانتخابات، وترميم علاقات بلاده مع العالم، لا سيما مع حلفائه الأوروبيين، ما يعطي الأمل بمشهد جديد وصفه بايدن بأنه مزدهر ومتوازن في نتائجه المتوقعة.
وبعيدا عن المواقف والشعارات السياسية التي صاحبت السباق الرئاسي التي كان الكثير منها للتعبئة والحشد، فإن على إدارة بايدن وقد انجلى غبار المعركة أن تسعى إلى ترميم الشرخ الذي طاول المجتمع الأميركي وأحدث انقساما وهزة بين مكوناته يتطلب لغة تصالحية ومعتدلة مع ممثلي الحزب الجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ بعد أن تحقق للحزب الديمقراطي الأغلبية في مجلس الشيوخ.
وعندما يعلن بايدن الحرب على فيروس كورونا ويدعو المجتمع للوحدة لمواجهته فإن أدوات حربه هذه لا تتطلب أدوات الحرب المتعارف عليها (الصواريخ والدبابات والمدفعية والحشد العسكري) وإنما يحتاج توافق وطني ووقفة مجتمعية لدعم إجراءات الحد من عدو غير مرئي يتحين الفرص للنيل من الإنسان.
وسلاح بايدن لمواجهة وباء كورونا هو جرعة اللقاح والكمامة، وقبل ذلك وعي الإنسان والالتزام بالمعايير الصحية، وهذه الاشتراطات هي ذخيرة بايدن للحرب على الوباء التي ستجنب أميركا وحتى العالم من شرور وتداعيات هذا العدو الذي لا يتورع عن استهداف الإنسان وحياته ومستقبله.