بقلم : غانم النجار – الجريدة الكويتية
الشرق اليوم – آن موعد رحيل سيد البيت الأبيض، الذي تمسّك بأهداب السلطة حتى لو كان ثمن ذلك تدمير مؤسسات الدولة، وإثارة الرعب، وبثّ الكراهية، والعنف، والقسوة، مثخناً الجراح بالديمقراطية الجريحة بطبيعتها.
على مقربة من البيت الأبيض، يتم كل سنة في يناير الاحتفال بيوم مارتن لوثر كنغ، أو MLK اختصاراً، بذكرى ميلاده، وجرى هذه المرة قبل يومين من مغادرة سيد البيت الأبيض وقدوم سيد جديد.
كان MLK داعية الحقوق المدنية الأبرز، المناهض للتمييز العنصري بحراك سلمي، خطيباً مفوهاً، تحولت كلماته إلى شعارات ووقود لكل من دافع عن الاستقرار والأمن والمساواة والعدالة، حتى صنّف خطابه “لديّ حلم” كأحد أهم وأقوى الخطابات عالمياً، مع أنه لم يتقلّد منصباً رسمياً في حياته.
بدأت حملة الدعوة لاعتماد يوم كنغ، بعد اغتياله في عام 1968، إلا أنها واجهت اعتراضات رموز العنصرية، واتهامات له، حتى بعد اغتياله، بتهديد الأمن القومي، فخسر بفارق 5 أصوات في المرة الأولى.
نظمت الحملة نفسها، وأضافت زخماً جديداً، وفي إطار الحملة، صدح المغني الشهير ستيفي وندر بأغنيته الأشهر “هابي بيرثداي”، وتم جمع 6 ملايين توقيع على أطول عريضة داعمة لقضية محددة في تاريخ الولايات المتحدة، فكان أن تم إقرار القانون بأغلبية كبيرة في “الكونغرس”، ووقّع القانون الرئيس رونالد ريغان سنة 1983، على الرغم من عدم حماسه له، ليصبح عطلة فدرالية، والتي لم يحظ بها إلا اثنان قبله، هما جورج واشنطن، وكريستوفر كولومبوس.
تذكرت ذلك أثناء حضوري تكريم جامعة هارفارد لنيلسون مانديلا بمنحه الدكتوراه الفخرية، باحتفال خاص في سبتمبر 1998، وهو احتفال لم تقمه إلا لشخصيتين هما جورج واشنطن وونستون تشرشل. وكان من حُسن حظي حضور ذلك الحفل الذي حضره أكثر من 10000 شخص حين كنت أستاذاً زائراً بالجامعة ذاتها. قال مانديلا حينها إنه سعيد بانضمام رجل أسود لهذين الزعيمين الكبيرين.
زرت الاحتفاء بـ “يوم MLK” في واشنطن دي سي، سنة 1991، وكان احتفالاً مهيباً، كنا حينها ضمن وفد شعبي من 13 جمعية نفع عام نقوم بجولة دولية لنشر قضية الأسرى الكويتيين، وكان دينامو التنظيم د. سعود العنزي، الذي كان حينها يدرس الدكتوراه في العاصمة الأميركية، والذي لولاه لما كانت لتقوم قائمة لتلك الزيارة الشعبية، ولا ننسى أيضاً دور الراحل د. عبدالكريم السعيد في تلك المهمة الإنسانية، والتي سنتحدث عنها لاحقاً.
وجود مارتن لوثر كنغ في الوعي الأميركي يمثّل عنصر توازن، وعنصر قوة، وعنصر تسامح، وخيالاً معطاء، مخالفاً لحالة التوتر والقسوة، وإثارة الخوف والكراهية التي يمثّلها سيد البيت الأبيض الراحل.