بقلم: موناليزا فريحة – النهار العربي
الشرق اليوم- لم تكن معالم السياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن والتي حدّدها أمس مرشحه لوزارة الخارجية أنتوني بلينكن في جلسة استماع أمام لجنة بمجلس الشيوخ، مفاجئة، إلا أنها أضاءت على جوانب إضافية في بعض الملفات، خصوصاً ما يتعلق بإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وبددت تساؤلات في شأن النية الحقيقية للرئيس المنتخب في شأن العودة الى خطة العمل الشاملة المشتركة التي تعتبر إرثاً للإدارة الديموقراطية السابقة التي كان فيها نائباً للرئيس.
عكس كلام بلينكن أرضية مشتركة للإدارة الجديدة مع الإدارة المنتهية ولايتها في ملفات في السياسة الخارجية تبدأ بفنزويلا ولا تنتهي باتفاقات ابراهيم للسلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين. ولعل تأكيده أن القدس عاصمة إسرائيل وأن السفارة الأمريكية ستبقى فيها، شكّل الخيبة الكبرى للواهمين بأن إدارة ديموقراطية ستكون أقل انحيازاً لإسرائيل من سابقتها.
ومع ذلك، تبدو نية الإدارة الجديدة واضحة في نسف مبادرات خارجية عدة طبعت ولاية ترامب، وإسدال الستار على سياسة “أمريكا أولاً” وصولاً الى إعادة إحياء الديبلوماسية التعددية. ولكن الرئيس الجديد المحتمل للديبلوماسية الأمريكية الذي كان نائباً لمساعد الخارجية في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، أقر أيضاً بأن العالم تغير كثيراً منذ أربع سنوات، وأن العودة إلى المقاربات السابقة ليست ممكنة.
في كلامه هذا تحديداً، حاول بلينكن طمأنة الحلفاء كما الخصوم إلى أن ولاية إدارة بايدن التي تعد وجوهاً كثيرة من إدارة أوباما، لن تكون سنوات أربعاً جديدة للرئيس الديموقراطي السابق. فمع أنه أعاد التأكيد على الرغبة في العودة الى خطة العمل الشاملة المشتركة التي انسحب منها ترامب قبل ثلاث سنوات، شدد على وجوب عودة ايران الى التزاماتها أولاً. بكلام آخر، على إيران التراجع عن كل الخطوات التي اتخذتها في الفترة الأخيرة، بما فيها زيادة نسبة تخصيب الأورانيوم، قبل أن تعود الولايات المتحدة إلى الاتفاق. ناهيك عن أن هذه العودة لن تكون، بحسب بلينكن إلا “منصة للسعي الى اتفاق أقوى وأطول” وبمشاركة حلفاء واشنطن في المنطقة، بمن فيهم إسرائيل ودول الخليج.
منذ فوز بايدن، تزايدت الأصوات داخل الولايات المتحدة التي تحذر من التفريط بالتأثير الذي تمكنت إدارة ترامب من امتلاكه نتيجة سياسة الضغط القصوى التي مارستها عليها منذ انسحابها من الاتفاق النووي. وسادت مخاوف من احتمال رفع بايدن العقوبات عن إيران، من دون انتزاع أي تنازلات منها في شأن برنامجها النووي أو برنامجها الصاروخي وتدخلاتها في المنطقة. واكتسبت تلك المخاوف زخماً، وخصوصاً في مؤسسات الرأي، بعد تصريح بايدن في مقابلة مع توماس فريدمان بأنه سيعود الى الاتفاق أولاً ثم يبحث في مسألة الصواريخ والتدخلات الإيرانية في المنطقة.
كلام بايدن أمس، قد يهدئ بعضاً من القلق. فهو الى تحديده شروطاً واضحة للعودة الى الاتفاق وبالتالي رفع العقوبات، لفت الى “أننا لا نزال بعيدين” من العودة الى الاتفاق، وهو تقييم عكسته أيضاً المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز التي أضافت أنّ العودة إلى الاتفاق النووي يجب أن تتضمّن البرنامج الصاروخي والأنشطة المزعزعة للاستقرار.
يبدو أن بايدن الذي كان قال لفريدمان: إنه يسمع كلاماً كثيراً عن الصواريخ الإيرانية، وكأنه لا يملك أدلة على ذلك، شاهد بنفسه الرسائل الصاروخية التي وجهتها طهران في الأيام الأخيرة، بما فيها تلك الصواريخ البعيدة المدى التي أطلقتها على المحيط الهندي.