By: Caroline De Greiter – Euro Observer
الشرق اليوم- اجتاحت دول الاتحاد الأوروبي موجة الشعبوية في السنوات الأخيرة ما أضعف الثقة العامة في الديمقراطية كنظام سياسي، وعلت أصوات المناهضين للمؤسسة الداعية إلى التغيير بحثاً عن حلول للمشكلات التي تعانيها كتلة الاتحاد ككل، فضلاً عن مشاكل كل دولة على حدة.
وقد حذر أعضاء في البرلمان الأوروبي من ضعف الثقة في الديمقراطية. وكان عام 2020 مختلفاً بسبب ظروف تفشي الوباء الذي حبس الناس في بيوتهم، لكن أوروبا باتت تحتاج إلى جولة نقاش مفتوح حول ما سيأتي بعد ذلك، وإلا فإنها تجازف بفقدان الإجماع والانسجام في صفوف الجماهير.
وفي ظروف استثنائية برز الدور الإيجابي لمؤسسة الاتحاد في التصدي لتبعات الوباء من خلال برنامج سندات غير مسبوق للتعامل مع التداعيات الاقتصادية.
وفي السنوات الماضية عندما اشتدت موجة التمرد وانتشرت الدعوات المناهضة للمؤسسة، وتبلورت في شكل ميول استبدادية لدى بعض الحركات السياسية، عمل المفسدون المناهضون للديمقراطية داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه على تعزيز الشعور بعدم الثقة في السياسات العامة. وعندما غادرت بريطانيا، وهي أحد أكبر الدول الأعضاء في الاتحاد، بدا وكأن النظام الديمقراطي العالمي قد فقد هيبته.
ومع دخولنا عاماً جديداً ينبغي أن نستخلص العبر من أحداث الماضي حيث بات العالم مختلفاً عما كان عليه، وهذا يقتضي تغييراً في السياسات أيضا للتعامل مع المستجدات.
ومع انتخاب الرئيس الجديد في الولايات المتحدة، جو بايدن، بات مؤكداً أن تيار الديمقراطيين في الولايات المتحدة وخارجها ستكون له الأولوية في الأشهر المقبلة في برنامج الرئيس الذي يدرك أكثر من غيره، أهمية تعزيز التوجهات الديمقراطية في العالم الحر. وقد وعد بتعزيز اللحمة بين الديمقراطيات في العالم من أجل تحديث خطابها، ووضع أجندة مشتركة لبث حياة جديدة فيها.
وتحتاج الديمقراطية في أوروبا على وجه الخصوص، إلى دفعة قوية رغم أن الاتحاد الأوروبي قد تكيف عملياً مع بعض المشكلات التي يواجهها. ويلعب حالياً دوراً حاسماً ودقيقاً في معالجة الأزمات الصحية، من خلال التفاوض بشأن شراء اللقاحات نيابة عن الحكومات الوطنية، على سبيل المثال.
وكان قد لعب دوراً رئيسياً آخر في تمويل الانتعاش، حيث منح الدول الأعضاء فرصة الاستفادة من برنامج إقراض بقيمة 700 مليار يورو تضاف إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي العادية، وهذه الخطوة تنم عن قدر كبير من تحمل المسؤولية.
وقد كشفت الخلافات حول ربط توزيع مساعدات الإنعاش بالالتزام بقوانين الاتحاد، عن ضعف من نوع آخر في التعامل مع الدول الأعضاء التي تخرج على الاجماع مثل المجر. مثل هذا الضعف يرتب أيضاً مسؤوليات تراكمية على بنية الكتلة.
ولا يمكن لأي من هذه المشكلات أن تحل دون وجود نظام رقابة ديمقراطية شاملة. وعندما تجنح القرارات الحساسة سعياً وراء بلوغ الأهداف، فلا بد من تكييف السياسات الديمقراطية لضبط مسارها.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وعد بعد الانتخابات الأوروبية الأخيرة، بإجراء جولة تشاور موسعة ومطولة حول سياساته المشتركة. وكثر الحديث عن عقد مؤتمر مفتوح حول مستقبل أوروبا على مدى سنتين، بحيث يضمن المؤتمر تفاعلاً أوسع وأشمل في تحديد ما هو ضروري وملح وكيف يمكن تحقيقه. وهذه ليست أسئلة لا يمكن لبروكسل الإجابة عنها بمفردها.
لذلك تقرر تنظيم لقاء في الوقت المناسب لقادة الاتحاد الأوروبي الحاليين والمستقبليين لاستخلاص النتائج قبل الانتخابات المقبلة للبرلمان الأوروبي في عام 2024.وأطلقت أورسولا فون دير لاين، وعوداً بذلك حظيت بدعم المجلس الأوروبي، وكان البرلمان الأوروبي متحمساً للمضي قدماً في التنفيذ لكن شيئاً لم يحدث.
ومنذ أيام أعطى البرلمان الأوروبي رأيه حول مؤتمر مستقبل أوروبا وقرر أن تكون أعماله مفتوحة لمدة عام بدلاً من عامين.ويبدو أن المجلس الأوروبي ولجنة العلاقات الخارجية مستمرون في المماطلة خشية أن يسفر المؤتمر عن نتائج لا تتوافق مع رغباتهم، أو يخرج بقرارات فوق قدراتهم على التنفيذ.
ومهما كان السبب وراء مخاوفهم، كما هو الحال دائماً في السياسة، فستكون تبعاته سيئة في المستقبل، لأنه عندما يخجل السياسيون الأقوياء من ممارسة الرقابة العامة، يفقد الجمهور الثقة.
من هنا، فقد حان الوقت لاتخاذ موقف حازم في سياسة الاتحاد الأوروبي. لا بد من اتخاذ قرارات مهمة تحظى بدعم الجمهور لأنه في أي نظام ديمقراطي لا يمكن ممارسة السلطة وتوسيعها دون مشاركة نشطة من الجمهور.
فلتوضع الأعذار جانباً أياً كان شكلها، وليبدأ مؤتمر مستقبل أوروبا كما هو مخطط له دون تأخير.