بقلم: عبدالله ناصر العتيبي – صحيفة الاتحاد الإماراتية
الشرق اليوم- تقول الكاتبة الروسية «ماريانا بيليكانا» في مقال نشر لها بصحيفة «كوميرسانت» الصادرة من موسكو رداً على حديث وزير الخارجية الأميركي «مايك بومبيو» مؤخراً حول علاقة منظمة «القاعدة» بإيران إن «العلاقة بين إيران الشيعية والقاعدة السنية لم تكن بسيطة أبداً». وتذكّر الكاتبة أن «القاعدة احتجزت عسكريين ودبلوماسيين إيرانيين كرهائن، واستخدمتهم لعقد صفقات مع إيران». وتضيف أن «إيران والقاعدة وجدتا نفسيهما في خندقين مختلفين بعد اندلاع الحرب في سوريا في 2011» وتشير في هذا الصدد إلى «إصدار زعيم القاعدة»أيمن الظواهري«تصريحات قاسية بما يكفي بحق طهران».
والحقيقة أن استدلال الكاتبة بتصريحات أيمن الظواهري «القاسية بما يكفي في حق إيران!» على حد وصفها، ربما يكون هو «الحلقة الأضعف» التي يمكن بناء مادة مقال هذا الأسبوع عليها!
التصريحات القاسية بما يكفي، ليست دليلاً على العداوة المتجذرة أو الأصيلة، وإنما قد تكون غطاء لصداقة لا يُراد لها أن تكون تحت أنظار العالم. التصريحات القاسية ليست كمثل العمليات الإرهابية لـ«القاعدة»، والتي أوقعت الدمار ونشرت الخراب في المناطق التي ضربتها في المنطقة ما عدا إيران!. وليت السيدة ماريانا تعطينا سبباً واحداً لعدم استهداف «القاعدة» لمصالح إيرانية، وبخاصة في جنوب شرق إيران، حيث ينعدم الأمن بين حين وآخر في المناطق الخاضعة لعرقية البلوش، أو في غرب إيران حيث الغضبة الأهوازية القابلة للانفجار في أي وقت. بل أين «القاعدة» من استهداف مصالح إيران في العراق أو سوريا أو حتى اليمن؟!
أما المواجهة في سوريا، فالواقع على الأرض أثبت للجميع أن «القاعدة» استُدعيت لسوريا لتقوم بمهمة معينة يكون من نتائجها شرعنة الوجود الإيراني. لم تدخل إيران في مواجهة مسلحة مع «القاعدة» في سوريا منذ عام 2011 وحتى اليوم، وإنما كان لكل طرف مناطق عمليات خاصة يمارس فيها الدور الذي رُسم له، لتحقيق مصلحة عليا تخدم الطرفين. وليتحدث كل منهما بسوء عن الآخر، وليستخدم القول الفاحش حتى، ما دام الأمر في حدود الحروف والكلمات وليس الرصاص!
وبالنسبة للرهائن والعسكريين الإيرانيين في قبضة «القاعدة»، فكانوا جسراً شرعياً لعمليات التمويل المالي التي كانت تتم فوق الطاولة، وعذراً جاهزاً للعمليات المالية التي كانت تتم تحت الطاولة في حال انكشافها.
وعوداً على بدء ما اقتبسته من حديث الكاتبة الروسية حول الاختلاف العقائدي بين إيران الشيعية و«القاعدة» السُنية، وبالتالي حتمية العداء بينهما، فهذه مسألة لم تعد قابلة للتصديق، فكلا الطرفين، كما تقول تحركاتهما خلال العقدين الماضيين، يستخدمان المذهبية لأهداف سياسية ليس إلا.
الكاتبة الروسية تريد أن تقول إن التخادم بين «القاعدة» وإيران غير موجود لسببين معقدين في تقديري، أولهما محاولة إثبات أن عداء إيران لأميركا قائم على أسس شرعية رافضة للهيمنة الإمبريالية في المنطقة، وثانيهما، نفي علاقة إيران بهجمات 11 سبتمبر، وبالتالي تسهيل عودة الإدارة «الديموقراطية» الجديدة في أميركا للاتفاق النووي من دون شروط جديدة على إيران.