بقلم: مجدي الحلبي – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم- إيران تبلع الضفدع مرة اخرى بعد قصف اسرائيل لمواقعها في سوريا واهانتها مرة تلو المرة من اسرائيل تارة من الولايات المتحدة تارة اخرى فقد بدأ عامها المنصرم باغتيال قاسم سليماني على يد الاميركيين مرورا بقصف اسرائيلي مستمر لمواقعها في سوريا والعراق الى مقتل فخرى زادة كبير علماءها النوويين في عقر دارهم شرق طهران, في كل هذه الحالات توعدت ايران وهددت بالرد الا انه لم يأت مزلزلا كما هددت لا منها ولا من اذرعها في سوريا او لبنان او اليمن او العراق اللهم الا قصف على موقع عين الاسد للقوات الاميركية في العراق ليس قبل ان يعلموا الاميركيين, وخلال الضربة اصابوا الطائرة الاوكرانية المدنية واضطروا بعد النفي للاعتراف والتعويض.
إيران تقف بين مطرقة الكرامة والعزة والشعارات التي ترددها من مقاومة وممانعة ومواجهة الشيطان الاكبر والاصغر وبين اغراءات التفاوض مع ادارة الولايات المتحدة الجديدة المتمثلة بالرئيس المنتخب جو بايدن، الواضح ان الايراني ذكي ولا يريد الدخول في مغامرات او مغامرة تنهي هذا النظام في إيران لذلك فالنظام يحاور ويناور ويبلع السم والطعم راضيا بانتظار بايدن المخلص والمنقذ.
قد يرى النظام الايراني ان مصلحته مع ادارة بايدن وعدم الانجرار وراء رد فعل وانتقام في هذه المرحلة فالواضح للجميع ان ادارة اوباما عينها والمتمثلة في جون كيري الذي وقع الاتفاق النووي مع جواد ظريف وسوزان رايس التي ترى مصالحة نظام ملالي إيران أفضل من مواجهته. ولا بد من الاشارة اهنا لى ان الخطوات الايرانية بعد فوز بايدن كانت صائبة من منظورهم، لكن لم يحسب هؤلاء حساب المتغيرات التي حصلت على صعيد المنطقة وفشل رهان ادارة اوباما اياها والتي بصدد العودة اليوم, على الاخوان المسلمين في الربيع العربي الذي خلف الحرب والفوضى نتيجة رؤية اميركية وغربية ضيقة جدا للأوضاع في العالم العربي والرهان الخاطئ على الاخوان المسلمين الذين لم يقدموا شيئا يذكر لشعوبهم وفشلوا في مصر وتونس وليبيا كما فشلت المليشيات الاخرى في اليمن والعراق.
المتغيرات الان تثبت ان على الادارة الاميركية الجديدة ان تنظر للعالم العربي بشكل يختلف عن السابق وان يزيلوا منظارهم والاميركي غربي الثقافة والمنطلقات عند الاتجاه الى الشرق الاوسط, النظرة يجب ان ترتكز على فهم ثقافة هذا المجتمع وعاداته وتقاليده ومستوى اداءه في ادارة الدولة، علما ان هذه الدول حديثة العهد لم تتجاوز اكبرها سنا الثمانين عاما جاءت بعد انهيار الامبراطورية العثمانية التي تأسست على الخلافة وادارتها للأراضي والمناطق كانت بطريقة الولاة والاقطاعيين واصحاب الجاه. الدول العربية بغالبيتها مسلمة وللدين اهمية كبيرة في هذه المجتمعات التي ترى الامور بمنظار يختلف في بعض الاحيان او اغلبها عن المنظار الغربي الذي فصل بطريقة ما بين الدين والدولة.
نظام إيران المسلم الشيعي والذي يتبع ولاية الفقيه، يحاول من ناحيته تجنب اي رد او مغامرة قد تكلفه سقوطه وهو يتصرف بحذر شديد وينتقي الكلمات في شأن الرد على هجوم هنا وقصف هناك وكشف عن مسيرات في اليمن معدة لضرب اسرائيل والسعودية ومناطق اخرى، لكن هل يبقى الحال هكذا بعد تنصيب بايدن والذي، على الاغلب، لن يسرع بادئ ذي بدء لتوقيع اتفاق مع نظام إيران حول البرنامج النووي ولن يكون في اشهره الاولى في وارد الالتفات الى المنطقة باسرها.
ناحية اخرى فان اسرائيل تنظر بقلق شديد الى تركيبة ادارة جو بايدن الجديدة وتصفها بغير الودودة للشأن الاسرائيلي وقد شكل نتانياهو مجلسا خاصا ومصغرا من شخصيات امنية للمباحثات المقبلة والصعبة بحسب المسؤولين الاسرائيليين مع ادارة بايدن ويكفي ان تذكر اسم جون كيرى امام اي مسؤول اسرائيلي ليقول ان عودة هذا الشخص مقلقة لإسرائيل. ولكن وبحسب النشر المكثف وتصريحات لكبار الامنيين في تل ابيب يبدو ان اسرائيل لن تنتظر كما ينتظر النظام الايراني فهي تتقصف مواقع ميليشيات إيران ومستودعاتها بقوة في سوريا وتكبدها خسائر فادحة بالأرواح والعتاد واكثر اسلحتها تطورا وقد تعمد اسرائيل وبشكل واضح بعد تنصيب جو بايدن الى تكثيف هجماتها على مواقع إيران في سوريا واليمن والعراق وقد تمتد الهجمات الى لبنان وذلك من اجل اثبات ان ايران خطرا عليها وعلى كيانها ومن ثم العمل على ارغام ادارة جو بايدن الوقوف الى جانب اسرائيل في حربها على الارهاب وعلى اعداءها الذين ينادون صباح مساء لإزالتها عن الخريطة وذلك عبر اضافات على الاتفاق النووي تشمل استمرار العقوبات الاقتصادية والصواريخ الباليستية وترسانة ايران العسكرية ان لم تنجح إسرائيل في اقناع ادارة بايدن الابقاء على قرار دونالد ترمب الغاء الاتفاق مع ايران واعادة فرض العقوبات.
من سيفوز في نهاية هذا السباق القاتل، هل هو الذي لا اهمية للوقت عنده ام من يسابق الوقت للوصول الى نتائج عينية ملموسة، النظام الايراني لا يولي للوقت اهمية تذكر فلديه منه الكثير فلا انتخابات قد تطيح بالمرشد او بقائد حرس الثورة ولا مسائلة قانونية او محاكمة كما هو الحال لدى بنيامين نتانياهو فالوقت لا يلعب لصالحه بتاتا وهنا تكمن خطورة خطواته وتصريحاته واوامره للمستوى العسكري بما يتعلق بالشأن الايراني.